تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٥٣
ثم قتله أخذ بالأمرين ولو عمدين أو مختلفين أو خطئين تخلل بينهما برء أو لا إلا في خطئين لم يتخلل بينهما برء فتجب دية واحدة كمن ضرب رجلا مائة سوط فبرىء من تسعين ومات من عشرة فإن عفا المقطوع عن القطع فمات ضمن القاطع الدية ولو عفا
____________________
بعد الواحد. قال رحمه الله: (ومن قطع يد رجل ثم قتله أخذ بالامرين ولو عمدين أو مختلفين أو خطئين تخلل بينهما برء أو لا إلا في خطئين لم يتخلل بينهما برء فتجب دية واحدة كمن ضرب رجلا مائة سوط فبرئ من تسعين ومات من عشرة) يعني إذا قطع يده ثم قتله يجب عليه موجب القطع وموجب القتل إن كانا عمدين أو أحدهما عمد والآخر خطأ أو كانا خطئين وتخلل بينهما برء وفي خطئين لم يتخلل بينهما برء فتجب عليه دية واحدة، فحاصله أن الكل لا يتداخل إلا في خطئين فإنهما يتداخلان فيجب فيهما دية واحدة، إذا لم يتخلل بينهما برء، وإن تخلل بينهما برء لا يتداخلان. أما الأول وهو ما إذا كانا عمدين فالمذكور قول أبي حنيفة، وعندهما يتداخلان فيقتل حدا ولا يقطع يده لأن الجمع بينهما ممكن لتجانس الفعلين وعدم تخلل البرء بينهما فصار كالخطاين، وهذا لأن الجمع بين الجراحات واجب ما أمكن لأن القتل يقع بضربات غالبا واعتبار كل ضربة على حدتها يؤدي إلى الحرج فيجمع تيسيرا إلا أن لا يمكن بأن يختلف حكم الفعلين كالعمد والخطأ أو يتخلل البرء بينهما لأن البرء قاطع للسراية فلا يمكن أن يجعل الثاني تتميما للأول فيعتبر على حاله وأمكن ذلك قبل البرء فصار كسراية الأول. وله أن الجمع متعذر لأن حز الرقبة يمنع سراية القطع كالبرء حتى لو صدر من شخصين وجب عى كل واحد منهما القصاص فكذا إذا كان من شخص واحد فتقطع أولا يده ثم يقتلوه إن شاؤوا وإن شاؤوا قتلوه من غير قطع لأن القصاص يعتمد المساواة في الفعل وذلك بأن يكون القتل بالقتل والقطع بالقطع واستيفاء القطع بالقتل متعذر لاختلافهما حقيقة وحكما، ولان المماثلة صورة ومعنى يكون باستيفائهما وبالاكتفاء بالقتل لم توجد المماثلة إلا معنى فلا يصار إليه مع القدرة على المماثلة صورة ومعنى فيخير الولي بخلاف ما إذا مات من السراية لأن الفعل واحد، وبخلاف ما إذا كان خطأين لأن الموجب فيه الدية وهو بدل المحل والمقتول واحد ألا ترى أن عشرة لو قتلوا واحدا خطأ يجب عليهم دية واحدة لاتحاد المحل وإن تعدد الفعل، ولو قتلوه به جميعا لأن القصاص جزاء الفعل وهو متعدد وإن اتحد، ولان أرش اليد لو وجب كان يجب عليه عند الجزاء لأنه وقت استحكام أثر الفعل ولا سبيل إليه لأنه حينئذ تجب دية النفس بالجزاء فيجتمع وجوب بدل الجزاء والكل في حالة واحدة وهو محال، ولوجب ذلك لوجب بقتل النفس الواحد ديات كثيرة للأطراف لأنها تتلف بتلف النفس، أما القتل والقطع فقصاصان فأمكن اجتماعهما، وبخلاف ما إذا قطع وسرى حيث يكتفي بالقطع لاتحاد الفعل. وأما الثاني وهو ما إذا كانا مختلفين بأن كان أحدهما خطأ والآخر عمدا. والثالث وهو ما إذا كانا خطأين وتحلل بينما برء فلان الجمع
(٥٣)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الضرب (1)، الدية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 47 51 52 53 55 57 60 61 62 ... » »»
الفهرست