تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٧٥
كتاب الديات
____________________
كتاب الديات قال في العناية: ذكر الديات بعد الجنايات ظاهر المناسبة لما أن الدية أحد موجبي الجنابة في الآدمي صيانة له عن القصاص لكن القصاص أشد جناية فلذ قدمه. والكلام فيها من وجوه: الأول في دليل مشروعيتها، والثاني في معناها لغة، والثالث في معناها عند الفقهاء، والرابع في سبب وجوبها، والخامس في فائدتها، والسادس في ركنها، والسابع في شرطها، والثامن في حكمها. أما دليل المشروعية فقوله تعالى * (ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) * (النساء: 92) الآية. وأما معناها في اللغة فالدية مصدر ودية القاتل المقتول أعطى ديته وأعطى لوليه المال الذي هو بدل النفس، ثم قيل لذلك المال الدية تسمية بالمصدر، كذا في المغرب. قال في القاموس: الدية حق للقتيل جمعها ديات. وفي الصحاح:
وديت القتيل أديه دية إذا أعطيت ديته. وأما معناها شرعا فالدية عبارة عما يؤدي وقد صار هذا الاسم علما على بدل النفوس دون غيرها وهو الأرش. وأما سبب وجوبها فالخطأ فإن الآدمي لما خلق في الأصل معصوم النفس محقون الدم مضمونا عن الهدر فيجب صون حقه عن البطلان. وأما الخامس وهو فائدتها فهو دفع الفساد وإطفاء نار ولي المقتول. وأما ركنها فهو الأداء والايتاء. وأما شرط وجوبها فكون المقتول معصوم الدم متقوما بعصمة الدار ومنعة الاسلام حتى لو أسلم الحربي في دار الحرب ولم يهاجر إلينا فقتل لا تجب الدية. وأما حكمها فتمحيض ذنب التقصير بالتفكير. وفي المبسوط: يحتاج إلى بيان كيفية وجوب الدية وكيفية مقدارها. أما كيفية وجوب الدية ففي نفس الحر تجب دية كاملة يستوي فيها الصغير والكبير، والوضيع والشريف، والمسلم والذمي. وقال الشافعي رحمه الله: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف درهم، وفي المجوس ثمانمائة، والصحيح قولنا لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية المستأمنين اللذين قتلهما عمرو ابن أبي أمية كدية حرين مسلمين. وعن الزهري أنه قال: قضى أبو بكر وعمر في دية الذمي بمثل دية المسلم. ولأنهما يستويان في العصمة والحرية ولهذا قال علي رضي الله عنه: إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا ونقص
(٧٥)
مفاتيح البحث: الدية (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 67 71 73 74 75 76 78 79 82 84 ... » »»
الفهرست