تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٦٢
باب الشهادة في القتل ولا يفيد حاضر بحجته إذا أخوه غاب عن خصومته فإن بعد لا بد من إعادته ليقتلا
____________________
للنفس فبطل حقه بالعفو فيما بقي لا فيما استوفاه. ولهذا لو لم يعف لا يجب عليه ضمان اليد، وكذا إذا عفا ثم سرى لا يضمن والقطع الساري أفحش من المقتصر، أو قطع وما عفاه وما سرى ثم جز رقبته قبل البرء وبعد فصار كما لو كان له قصاص في اليد فقطع أصابعه ثم عفا عن اليد فإنه لا يضمن أرش الأصابع الأصابع من الكف كالأطراف من النفس. ولأبي حنيفة أنه استوفي غير حقه فيضمن، وهذا لأن حقه في القتل لا في القطع، وكان القياس أن يجب القصاص إلا أنه سقط للشبهة إذ كان له أن يتلف الطرف تبعا لنفسه، وإذا سقط القود وجبت الدية. وإنما لم يضمن في الحال لاحتمال أن يصير قتلا بالسراية فيظهر أنه استوفى حقه وحقه في الطرف ثبت ضرورة ثبوت القتل وهذه الضرورة عند الاستيفاء لا قبله، فإذا وجد الاستيفاء ظهر حقه في الأطراف تبعا، وإذا لم يستوف لم يظهر حقه في الطرف لا أصلا ولا تبعا فتبين أنه استوفى غير حقه، فأما إذا لم يعف فإنما لم يضمن لمانع وهو قيام الحق في النفس لاستحالته أن يملك قتله وتكون أطرافه مضمونة عليه، فإن زال المانع بالعفو ظهر حكم السبب. وإذا سرى فهو استيفاء للقتل فتبين أن العفو كان بعد الاستيفاء. ولو قطع وما عفا وبرأ فهو على الخلاف في الصحيح، ولو قطع ثم حزر قبته قبل البرء فهو استيفاء لأن القطع انعقد على وجه يحتمل السراية وكان حز رقبته تتميما لما انعقد له القطع فلا يضمن حتى لو حز رقبته بعد البرء فهو على الخلاف في الصحيح على أنا لا نسلم ظهور حقه عند الاستيفاء في التواقع وإنما دخلت في النفس لعدم إمكان التحرز عن إتلافها والأصابع تابع قياما والكف تابع لها عرضا لأن منفعة البطش تقوم بالأصابع بخلاف الطرف فإنه تابع للنفس من كل وجه والله أعلم.
باب الشهادة في القتل لما كانت الشهادة في القتل أمرا متعلقا بالقتل أوردها بعد ذكر حكم القتل لأن ما يتعلق بالشئ يكون أدنى درجة من ذلك الشئ. قال رحمه الله: (ولا يقيد حاضر بحجته إذا أخوه غاب عن خصومته فإن بعد لا بد من إعادته ليقتلا ولو خطأ أو دينا لا) يعني إذا قتل رجل وله وليان بالغان عاقلان أحدهما حاضر والآخر غائب فأقام الحاضر بينة على القتل لا يقتل قصاصا، فإن عاد الغائب فليس لهما أن يقتلا بتلك البينة بل لا بد لهما من إعادة البينة للقتل عند الإمام. وقالا: لا يعيد ولو كان القتل خطأ أو دينا لا يعيدها بالاجماع، وأجمعوا على أن القاتل يحبس إذا أقام الحاضر البينة لأنه صار متهما بالقتل والمتهم يحبس، وأجمعوا على أنه لا يقضي بالقصاص ما لم يحضر الغائب لأن المقصود والقصاص والحاضر لا يتمكن من الاستيفاء
(٦٢)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 55 57 60 61 62 64 65 67 71 73 ... » »»
الفهرست