تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٥٢
واحد فقطع يده له فللآخر عليه نصف الدية وإن أقر عبد بقتل عمد يقتص منه وإن رمى رجلا عمدا فنفذ السهم منه إلى آخر يقتص للأول واللثاني الدية ومن قطع يدر رجل
____________________
بالقتل لهما ولا يقضي لهما بالدية لما بينا من الفرق فيما تقدم وقد مثاله مزيد بيان فارجع إليه. قال رحمه الله: (وإن حضر واحد فقطع يده له فللآخر عليه نصف الدية) لأن للحاضر أن يستوفي حقه ولا يجب عليه التأخير حتى يحضر الآخر ثبوت حقه بيقين وحق الآخر متردد لاحتمال أن لا يطلب أو يعفو مجانا أو صلحا فصار كأحد الشفيعين إذا حضر والآخر غائب حيث يقضي له بالشفعة في الكل لما قلنا. ثم إذا حضر الآخر بعد ما قطعت للآخر وطلب يقضي له بالدية لأن يده وفاؤها حق مستحق عليه فيضمنها لسلامتها له. ولو قضى بالقصاص بينهما ثم عفا أحدهما قبل استيفاء الدية فللآخر القود عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد له الأرش لأن القصاص بالقضاء أثبت الشركة بينهما فعاد حق كل واحد منهما إلى البعض، فإذا عفا أحد ما فقد منع الآخر من استيفاء الكل. ولهما أن الامضاء من القضاء في العقوبات فالعفو قبله كالعفو قبل القضاء، ولو قطع أحدهما يد القاطع من المرفق سقط القصاص لذهاب اليد التي فيها القصا ص بالقطع ظلما ولا ينقلب مالا كما كما إذا قطعها أجنبي أو سقطت بآفة سماوية، ولهما نصف الدية على حالها لأنها واجبة قبل قطعهما ولا تسقط بالقطع ظلما، ثم القاطع الأول بالخيار إن شاء قطع ذراع القاطع، وإن شاء ضمنه دية اليد وحكومة عدل في قطع الذراع إلى المرفق لأن يد القاطع كانت مقطوعة من الكف حين قطع القاطع الأول من المرفق فكانت كالشلاء، وعلى هذا لو كان المقطوع يده واحدا فقطع القاطع من المرفق سقط حقه في القصاص ووجب عليه القصاص، وللمقطوع من المرفق الخيار إن شاء قطع من المرفق، وإن نشاء أخذ الأرش لما ذكرنا وقدمنا له مزيد بيان. قال رحمه الله:
(قال رحمه الله: (وإن أقر عبد بقتل عمد يقتص منه) وقال زفر رحمه الله: لا يصح إقراره لأنه يؤدي إلى إبطال المولى فصار كالاقرار بالقتل خطأ أو بالمال. ولنا أنه غير متهم في مثله لكونه يلحقه الضرر به فيصح، ولان العبد يبقى على أصل الحرية في حق الدم عملا بآدميته ألا ترى أن إقرار المولى عليه بالحدود والقصاص لا يجوز فإذا صح لزمه إبطال حق المولى ضرورة وذلك لا يضر، وكم من شئ يصح ضمنا وإن كان لا يصح قصدا بخلاف الاقرار بالمال لأنه إقرار على المولى بإبطال قصدا لأن موجبه بيع العبد أو الاستيفاء، وكذا إقراره بالقتل خطأ لأن موجبه دفع العبد أو الفداء على المولى ولا يجب على العيد شئ ولا يصح سواء كان العبد محجورا عليه أو مأذونا له في التجارة لأنه باطل. قال رحمه الله: (وإن رمى رجلا عمدا فنفذ السهم منه إلى آخر يقتص للأول وللثاني الدية) لأن الأول عمد والثاني أحد نوعي الخطأ وهو الخطأ في الفعل فكأنه رمى إلى حربي وأصاب مسلما والفعل الواحد يتعدد بتعدد أثره والله تعالى أعلم.
فصل: لما فرغ من ذكر حكم الجناية الواحدة شرع في ذكر الجنايات المتعددة لأن الاثنين
(٥٢)
مفاتيح البحث: القتل (1)، القصاص (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 44 45 47 51 52 53 55 57 60 61 ... » »»
الفهرست