تكملة البحر الرائق - الشيخ محمد بن حسين بن علي الطوري القادري الحنفي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٦
والمسلول إن تطاول ذلك ولم يخف منه الموت فهبته من كل المال وإلا فمن الثلث.
باب العتق في المرض والوصية بالعتق تحريره في مرضه ومحاباته وهبته وصية ولم يسمع إن أجيز فإن حابا فحرر فهي أحق
____________________
تقادم العهد صار من طبعه كالعمى والعرج، وهذا لأن المانع من التصرف مرض الموت ومرض الموت يكون سببا للموت غالبا وإنما يكون سببا للموت إذا كان بحيث يزداد حالا فحالا إلى أن يكون آخره الموت وأما إذا استحكم وصار بحيث لا يزداد ولا يخاف منه الموت لا يكون سببا آخره الموت كالعمى ونحوه ولهذا لا يستقل بالتداوي. قال رحمه الله: (وإلا فمن الثلث) أي إن لم يتطاول يعتبر تصرفه من الثلث إذا كان صاحب فراش ومات منه في أيامه لأنه من ابتدائه يخاف منه الموت ولهذا يتداوى فيكون من مرض الموت، وإن صار صاحب فراش بعد التطاول فهو كمرض حادث به حتى تعتبر تبرعاته من الثلث، كذا ذكر الشارح والله تعالى أعلم.
باب العتق في المرض والوصية بالعتق لما كان الاعتاق في المرض من أنواع الوصية وكان له أحكام مخصوصة أفرده بباب على حدة وأخرجه عن صريح الوصية لأن الصريح هو الأصل. قال رحمه الله: (تحريره في مرضه) يعني يكون وصية فإن خرج من الثلث لا سعاية عليه وسيأتي حكم ذلك إن شاء الله تعالى. أطلق في كونه وصية فشمل ما إذا عجل البدل أو بعضه فمات السيد أو مات العبد قبل السيد وترك مالا وما إذا أعتق على مال أو لا. قال في المبسوط: مسائله تشتمل على فصول: إحداها في تعجيل المعتق السعاية إلى مولاه، والثاني في ترك السعاية بعد موته، والثالث في تعجيل بعض السعاية في حياته وترك السعاية بعد موته. وإذا أعتق عبدا في مرضه قيمته ثلاثمائة فعجل العبد لمولاه مائتي درهم فأنفقها ثم مات ولا مال له غيرها يسعى في ثلثي المائة الباقية وسلم له ثلث المائة وهو حر لأن العتق في مرض الموت وصية في الوصايا يعتبر مال الميت يوم القسمة لا يوم الوصية والموت ومال الميت يوم القسمة مائة درهم لأنه لما عجل ثلثي السعاية في حياة المولى صح التعجيل لأنه عجل بعد وجود سبب الوجوب لأن السعاية تجب عليه بعد الموت لكن بالسبب السابق وهو العتق وتعجيل الحكم بعد وجود سبب الوجوب جائزة كتعجيل الزكاة وغيرها فصار المعجل ملكا للمولى وقد أنفقها في حياته في حاجته والوصايا تنفذ عما يفضل عن حاجته الحالية، والفاضل عن حاجته يوم القسمة مائة درهم وقد أوصى للعبد بجميع المائة فيكون له ثلث المائة الباقية، ولو عجل قيمته كلها فأنفقها لم يسع في شئ لأنه أدى قيمة نفسه مرة بعد ما صار مكاتبا عند أبي حنيفة، وحرا
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 249 251 252 255 256 262 267 271 275 276 ... » »»
الفهرست