ابن أبي رزمة عن الفضل بن موسى عن حرب بن أبي العالية عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالشفعة بالجوار - وهذا سند صحيح يظهر به ان أبا الزبير روى ما يوافق رواية عبد الملك لا رواية أبى سلمة كما ذكره الشافعي وتأيد هذا بعدة أحاديث سنذكرها إن شاء الله تعالى ثم ذكر البيهقي (ان شعبة قيل له تدع حديث عبد الملك بن أبي سليمان وهو حسن الحديث قال من حسنها فررت) - قلت - كتب الحديث مشحونة بان شعبة روى عنه وقال الترمذي روى وكيع عن شعبة عن عبد الملك هذا الحديث ثم ذكر البيهقي عن جماعة (انهم أنكروا عليه هذا الحديث) - قلت - ذكر صاحب الكمال عن ابن معين أنه قال لم يحدث به الا عبد الملك وقد أنكر عليه الناس ولكن عبد الملك ثقة صدوق لا يرد على مثله وذكر أيضا عن الثوري وابن حنبل قالا هو من الحفاظ وكان الثوري يسميه الميزان وعن أحمد بن عبد الله ثقة ثبت واخرج لم مسلم في صحيحه وقال الترمذي ثقة مأمون عند أهل الحديث لا نعلم أحدا تكلم فيه غير شعبة من اجل هذا الحديث وذكره ابن حبان في الثقات وقال إنا محمد بن المنذر سمعت أبا زرعة سمعت أحمد بن حنبل وابن معين يقولان عبد الملك ثقة قال ابن حبان روى عنه الثوري وشعبة وأهل العراق وكان من خيار أهل الكوفة وحفاظهم والغالب على من يحدث من حفظه ان يهم وليس من الانصاف ترك حديث شيخ ثبت بأوهام يهم في رواية ولو سلكنا ذلك لزمنا ترك حديث الزهري وابن جريج والثوري وشعبة لأنهم لم يكونوا معصومين - وتأويل الشافعي الجار بالشريك يرده ما أخرجه ابن أبي شيبة عن أبي أسامة عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن عمرو بن الشريد عن أبيه قلت يا رسول الله ارض ليس لأحد فيها قسم ولا شريك الا الجوار قال الجار أحق بسقبه ما كان - واخرج الطحاوي هذا الحديث ولفظه ليس لأحد فيها قسم ولا شريك الا الجوار - وأخرجه ابن جرير الطبري في التهذيب ولفظه ليس فيها لا حد شرب ولا قسم الا الجوار - فهذا تصريح بوجوبها لجوار لا شركة فيه فدل على أن الجار الملازق تجب له الشفعة وان لم يكن شريكا وقال ابن جرير رواه عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن الشريد بن سويد من حضر موت انه عليه السلام قال الجار والشريك أحق بالشفعة ما كان يأخذها أو يترك فظاهر عطف الشريك على الجار يقتضى ان الجار غير الشريك وأخرج ابن حبان في صحيحه حديث الجار أحق بصقبه - من حديث أبي رافع وانس عن النبي صلى الله عليه وسلم واخرج أيضا عن انس انه عليه السلام قال جار الدار أحق بالدار - وأخرجه النسائي أيضا وعن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال جار الدار أحق بدار الجار - أخرجه أبو داود النسائي والترمذي وقال حسن صحيح وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الهبة ان الحاكم ذكر في أثناء كتاب البيوع من المستدرك حديثا من رواية الحسن عن سمرة ثم قال قد احتج البخاري بالحسن عن سمرة وفى مصنف ابن أبي شيبة في كتاب أقضيته عليه السلام ثنا جرير عن منصور عن الحكم عن علي وعبد الله قالا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة للجوار وفى التهذيب لابن جرير الطبري روى موسى ابن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت ان النبي صلى الله عليه وسلم قضى ان الجار أحق بصقب جاره - واخرج ابن جرير أيضا بسنده عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أحدكم ان يبيع عقاره فليعرضه على جاره - فظهر بمجموع هذه الأحاديث ان للشفعة ثلاثة أسباب الشركة في نفس المبيع ثم في الطريق ثم في الجوار وظاهر قوله عليه السلام جار الدار أحق بالدار من يأخذ الدار كلها وليس ذلك الا الجار واما الشريك فإنه يأخذ بعضها ولان الشفعة إنما وجبت لأجل التأذى الدائم وذلك موجود للجار أيضا ولو وجبت لأجل الشركة لوجبت في سائر العروض فلما لم تجب الا في العقار علمنا أن سبب الوجوب هو التأذى وحكى الطبري ان القول بشفعة الجوار هو قول الشعبي
(١٠٧)