ويدفع أذى الحر والبرد عنه ويتمكن من إقامة الصلوات وما زاد على ذلك مباح له وترك الأجود من الثياب والاكتفاء بما دون ذلك أفضل كما في الطعام لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لبس يوما ثوبا معلما ثم نزعه وقال شغلني علمه عن صلاتي كلما وقع بصرى عليه وعن عمر رضي الله عنه أنه رفع ثوبه إلى عامله ليرقعه فزاد عليه ثوبا آخر وجاءه بالثوبين فأخذ عمر رضي الله عنه ثوبه ورد الآخر وقال ثوبك أجود وألين ولكن ثوبي أنشف للعرق وعن علي رضي الله عنه انه كان يكره التزيي بالزي الحسن ويقول إنا ألبس من الثياب ما يكفيني لعبادة ربى فيه فعرفنا أن الاكتفاء بما دون الأجود أفضل له وإن كان يرخص له في لبس ذلك * ثم حول الكلام إلى فصل آخر حاصله دار على فصل وهو أن مساعي أهل التكليف ثلاثة أنواع نوع منها للمرء كالعبادات ونوع منها عليه كالمعاصي ونوع منها بينهما لا له ولا عليه وذلك المباحات في الأقوال والأفعال كقولك أكلت أو شربت أو قمت أو قعدت وما أشبه ذلك هذا مذهب أهل الفقه رحمهم الله وقالت الكرامية مساعي أهل التكليف نوعان لهم وعليهم وليس شئ من مساعيهم في حد الاهمال لقوله تعالى فماذا بعد الحق الا الضلال فقد قسم الأشياء قسمين لا فاصل بينهما اما الحق وهو ما يكون للمرء أو الضلال وهو ما على المرء وقال الله تعالى لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وما للتعميم فتبين بهذا أن جميع ما يكتسبه المرء له أو عليه وقال الله تعالى من عمل صالحا فلنفسه الآية فتبين بهذا أن عمله لا ينفك عن أحد هذين اما صالح أو سيئ وفى كتاب الله تعالى بيان أن جميع ما يتلفظ به المرء مكتوب قال الله تعالى ما يلفظ من قول الآية وفيه بيان أن جميع ما يفعله المرء مكتوب قال الله تعالى وكل شئ فعلوه في الزبر وفيه دليل أنه يحضر جميع ما عمله في ميزانه عند الحساب قال الله تعالى ووجدوا ما عملوا حاضروا وما للتعميم فدل أنه ليس شئ من ذلك هملا والمعنى فيه من وجهين أحدهما أن مواثيق الله على عباده لازمة له في كل حال يعنى من قوله تعالى واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وقال عز وجل ما خلقت الجن والإنس الآية فاما أن يكون هو موقنا بهذا العهد والميثاق فيكون ذلك له أو تاركا فيكون عليه إذ لا تصور لشئ سوى هذا والدليل عليه ان المباح الذي تصورونه اما أن يكون من جنس ماله بأن يكون مقربا له مما يحل ويكون هو مأمورا به أو مبعدا له مما لا يحل فيكون ذلك له أو يكون مقربا له مما لا يحل أو معبدا له مما يحل ويؤمر به فيكون ذلك عليه فعرفنا أن جميع مساعيه غير خارجة من أن تكون له أو عليه وحجتنا في ذلك أن
(٢٧٩)