ولم يكن له أن يقول: أنا أؤخره حتى يوسر فيعطي دينارا، ولو باعه بدينار قائم بخلاف ما إذا كان قائما بنصف دينار وهو معسر فأبى أن يأخذ وقال: أنا أنظره حتى يوسر فآخذ منه دينارا لكان له ذلك بخلاف ما إذا كان له ديناران فأتاه بأحدهما وهو معسر فأبى أن يأخذه فإنه يجبر على أخذه انتهى بالمعنى.
قلت: ولا يفهم من قوله فيما إذا كان له عليه دينار وهو معسر فجاءه بنصفه دراهم أنه لا يجبر على ذلك أن ذلك يجوز برضاه أن يصارفه على الدينار بدراهم يأتيه بها مفرقة، وإنما ذلك إذا كان يصارفه بما جاء من الدراهم على جزء من الدينار ص: (كدراهم من دنانير بالمقاصة إلى آخره) ش: يعني إذا تعددت السلعة والدنانير والدراهم المستثناة كما لو اشترى مائة ثوب كل ثوب بدينار إلا درهما أو درهمين، فلا يخلو إما أن يقع البيع على المقاصة أو لا. فإن وقع البيع على المقاصة بمعنى أنه كلما اجتمع من الدراهم المستثناة قدر صرف دينار أسقطاه من الدنانير ويتفقان على أن صرف الدينار كذا كذا درهما، فلا يخلو حينئذ إما أن لا يفضل من الدراهم شئ فيجوز البيع حينئذ، سواء كان نقدا أو إلى أجل، لأن البيع حينئذ إنما وقع بالدينار، وكما لو اشترى عشرة أثواب كل ثوب بدينار إلا درهمين على المقاصة وعلى أن صرف الدينار عشرون درهما، فيكون ثمن الأثواب تسعة دنانير، وإن فضل بعد المقاصة درهم أو درهمان فيجوز أيضا نقدا أو إلى أجل إذا تأخرت الدنانير والدراهم أو الدرهمان إلى أجل واحد كمسألة سلعة بدينار إلا درهمين كما لو اشترى أحد عشر ثوبا كل ثوب بدينار إلا درهمين على المقاصة وعلى أن صرف الدينار عشرون درهما، فيكون ثمن الأثواب عشرة دنانير إلا درهمين وإن فضل أكثر من درهمين فيجوز إن كان نقدا ولا يجوز إن كان لأجل كالبيع والصرف كما لو اشترى اثني عشر ثوبا على الحكم المتقدم لأن الثمن حينئذ أحد عشر دينارا إلا أربعة دراهم. ومفهوم قوله: بالمقاصة أنه لو وقع البيع ولم يشترطا المقاصة لم يجز، وليس على إطلاقه بل يرجع إلى ما تقدم فيجوز إن كانت الدراهم