شراحه وغيرهم من أهل المذهب. قال ابن غازي: من قاعدته أنه لا يمثل لشئ إلا لنكتة من رفع إيهام أو تحذير من هفوة أو إشارة لخلاف أو تعيين لمشهور أو تنبيه بالأدنى على الأعلى أو عكسه أو محاذاة نص كتاب أو غير ذلك مما سيطهر لمن فتح الله عليه في كلامه. ومن قاعدته إنه إذا جمع نظائر وكان في بعضها تفصيل أقره وقيده بأحد طرفي التفصيل، ثم يتخلص منه لطرفه الآخر مع ما يناسبه من الفروع فيحسن تخلصه ويأخذ بعضه بحجزه بعض. ومن قاعدته غالبا أنه إذا جمع مسائل مشتركة في الحكم والشرط نسقها بالواو فإذا جاء بعدها بقيد علمنا أنه منطبق على الجميع، وإن كان القيد مختصا ببعضها أدخل عليه كاف التشبيه، فإذا جاء بالقيد علمنا أنه لما بعد الكاف انتهى. واعلم أنه رحمه الله قد يذكر المسألة في غير فصلها ليجمعها مع نظائرها بل قد يكررها لذلك كقوله في فصل السهو: " وتمادى المأموم وإن لم يقدر على الترك كتكبيره للركوع بلا نية إحرام، وذكر فائتة ليجمع بين النظائر المسماة بمساجين الإمام وإن كان قد ذكر كلا من المسألتين الآتيتين في بابها. وقد يذكر المسألة مفصلة في بابها ثم يذكرها مع نظائرها مجملة اعتمادا على ما فصله كقوله في فصل الخيار: " وبشرط نقد كغائب " فإنه قد قدم حكم النقد في الغائب مفصلا ثم ذكره هنا محملا، بل ذكر ابن غازي في ذلك المحل أنه قد يذكر في النظائر ما هو خلاف المشهور. ومن قاعدته هو وغيره من المتأخرين أنهم إذا أسندوا الفعل إلى ضمير الفاعل الغائب ولم يتقدم له ذكر كقوله: " قال " و " كره " و " منع " و " رخص " و " أجاز " و " لم يمنع " ونحو ذلك، فهو راجع إلى مالك للعلم به. ومن عادته وكثير من أهل المذهب أن يستعملوا لفظ الندب في الاستحباب وإن كان في مصطلح الأصوليين شاملا للسنة والمستحب والنافلة، والتفريق بين هذه شائع في اصطلاح أهل المذهب. ووقع في كلام ابن رشد في المقدمات والمازري وابن بشير وغيرهم من المتأخرين تقسيمها إلى ثلاث مراتب وإن اختلفوا في التعبير عن بعضها، ولا خلاف فيما علمت أن أعلاها يسمى سنة. وسمى ابن رشد الثاني: رغائب، والثالث: نوافل وسمى المازري الثاني: يسمى مستحبا، وزاد قسما رابعا مختلفا فيه وستقف على كلامهم مختصرا. قال المازري: فسموا كل ما علا قدره في الشرع من المندوبات وأكد الشرع أمره وحض عليه وأشهره سنة كالعيدين والاستسقاء، وسموا كل ما كان في الطرف الآخر من هذا نافلة، وما توسط بين هذين الطرفين فضيلة ونحوه لابن راشد. وقال ابن رشد: السنة ما أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفعله ولم يقترن به ما يدل على الوجوب أو داوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم على فعله بغير صفة النوافل، والرغائب ما داوم على فعله بصفة النوافل أو رغب فيه بقوله: " من فعل كذا فله كذا، والنوافل ما قرر الشرع أن في فعله ثوابا من غير أن يأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم به أو يرغب فيه أو يداوم على فعله. وقال ابن بشير: ما واظب عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مظهرا له فهو سنة بلا خلاف، وما نبه عليه وأجمله في أفعال الخير فهو مستحب، وما واظب على فعله في أكثر الأوقات وتركه في بعضها فهو فضيلة ويسمى رغيبة،
(٥٤)