باستعماله فوات الوقت، فالمشهور لا يتيمم لان الأصل منع الحاضر من التيمم مع القدرة على استعمال الماء خرجت الفرائض لادراك الوقت وبقي ما عداها انتهى مختصرا، فجعل محل الخلاف فيمن يخاف فوات الوقت ويأتي في كلام العوفي والوانوغي ما يؤيد ذلك والله تعالى أعلم.
فرع: قال الوانوغي في قوله في المدونة: وإذا تيمم الجنب ثم صلى ثم وجد الماء أعاد الغسل فقط. قوله وصلى ولو في جماعة في المسجد فيؤخذ منه جواز دخوله لصلاة الجماعة لا أنه يصلي خارج المسجد. قال المشذالي: في الاخذ ضعف لأنه من باب المطلق انتهى.
وسكت عنه ولم يفصل هل مراده الجنب الصحيح أو المريض؟ وقد نقل بعده ما نصه قال الوانوغي: قال القرافي: انظر لو أراد الجنب أن يدخل المسجد لصلاة الجماعة أو إعادة ما صلى منفردا، فهل يتيمم لدخول المسجد ثم للصلاة؟ فقد يقال لا يجوز لان الجماعة والإعادة غير مضطر إليهما ولقوله: لا يتيمم الحاضر لسنة وهذا في حق الحاضر الصحيح، وأما المريض والمسافر فيجوز لقولهما يتيممان للطواف انتهى. وما ذكره ظاهر إلا أن هذا اللفظ لم أره في المدونة بل فيه تجوز فإن الطواف لا يتصور في حق المسافر ولهذا قال في التلقين: ولا يكاد يتصور في الطواف إلا للمريض والله تعالى أعلم.
فرع: لو لم يجد الجنب الماء إلا وسط المسجد فهل يجب عليه التيمم لدخول المسجد ليتوصل إلى الماء ويصير في معنى من تعين عليه الفعل كالجنازة المتعينة، أو ينهى عن ذلك لأنه لما كان للماء بدل وهو التيمم صار بذلك في معنى من لم يتعين عليه؟ قال المازري في شرح التلقين: لا أحفظ فيه نصا عن المذهب لكن رأيت بعض المتأخرين قال: قال مالك: يمنع الجنب من دخول المسجد إلا عابر سبيل. فيجب إذا اضطر لدخوله أن يباح له التيمم وقد أريناك من وجوه النظر في المسألة طريقا يرشدك لما سواه انتهى. وذكر في التوضيح في التيمم كلام المازري نفسه وقال بعده انتهى. ثم ذكر ما ذكره المازري عن بعض المتأخرين عن الباجي ولم يذكر غير ذلك.
قلت: وقد صرح صاحب الطراز في غسل الجنابة بأنه يتيمم ويدخل ونصه: فإن التجأ الجنب إلى دخول المسجد ليأخذ منه الماء لغسله ولم يجد الماء في غيره فهذا يتيمم لدخوله.
وهو قول أبي حنيفة ووجه ظاهر فإن كل فعل منع منه الجنب حتى يتطهر فإنه إن عجز عن الطهارة لذلك بالماء استباحه بالتراب كالصلاة، وكذلك يفعل إذا التجأ إلى الميت في المسجد وهو جنب انتهى. ولا بد أن يراد في التوجيه، واضطر إلى ذلك الفعل وتعين عليه وإلا لزام عليه جواز تيمم الحاضر الصحيح للسنن والله أعلم. وذكر البرزلي في مسائل الطهارة عن مسائل ابن قداح ما نصه: من أتى المسجد وهو جنب والدلو فيه فإن ضاق الوقت تيمم ودخل