بالقرب وحده جفاف الأعضاء المعتدلة في الزمن المعتدل كما سيأتي، فإن كانت عامدة أو جاهلة فإن كان ذلك بالقرب جدا فإنها تزيل الحائل وتمسح على رأسها وتعيد غسل رجليها، وإن طال ذلك أعادت الوضوء، ولا يحد القرب هنا بجفاف الأعضاء بل هو أقل من ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الكلام على الموالاة. وقال في الطراز: فإن وقع المسح على الحناء على الوجه الممنوع فإن كان ذلك جهلا ثم أخبر أنه لا يجوز فنزعه بالقرب مسح رأسه وأعاد غسل رجليه، ولا يشبه من فرق وضوءه عبثا لأنه كان يعتقد أنه يجزئه، وإن طال ابتداء الوضوء، لان الجاهل كالعامد لا كالساهي، وإن كان سهوا مسح رأسه متى ما ذكر وغسل رجليه إن كان بالقرب، والصلاة في جميع ذلك فاسدة انتهى. وقال صاحب الجمع: فرع إن مسحت على الوقاية أو حناء أو مسح رجل على العمامة وصلى لم تصح صلاته، وبطل وضوؤه إن كان فعل ذلك عمدا، وإن فعله جهلا فقولان انتهى. وقال ابن ناجي: يريد، وكذلك الرجل لا يمسح على العمامة. وبالجملة لا يمسح على حائل مع الاختيار، وأما مع الضرورة فجائز. ثم ذكر شيئا مما تقدم عن الطراز ثم قال: وقول أحمد عندي أقرب وهو الذي كان يرجحه شيخنا يعني البرزلي ولا يفتي به، وكونه عليه الصلاة والسلام داوم على غير ذلك لا يدل على قول أصحابنا، لان مداومته إنما تدل على أنه فعله مرة واحدة ليؤذن بالإباحة، وكونه لعذر دعوى.
قلت: يرد ما قاله ما تقدم من الأدلة والله أعلم.
فائدة: ذكر ابن ناجي أنه حضر ابن راشد درس بعض الحنفية فقال المدرس: الدليل لنا على مالك في المسح على العمامة أنه مسح على حائل أصله الشعر فإنه حائل. فأجابه ابن راشد بأن الحقيقة إذا تعذرت انتقل إلى المجاز إن لم يتعدد، وإلى الأقرب منه إن تعدد. والشعر هنا أقرب والعمامة أبعد فيتعين الحمل على الشعر، فلم يجد جوابا ونهض قائما وأجلسه بإزائه.
فائدة: قال عياض: الحناء ممدود انتهى، وقال الزبيدي: الحناء مذكر ممدود واحده حناءة.
السابع: قال في الطراز: فإن كانت الحناء في مستبطن الشعر ليس على ظاهره لم يمنع لان مستبطن الشعر لا يجب إيصال الماء إليه في الوضوء ولا مباشرته بالمسح، ولهذا تعلق المسح بظاهر الضفيرة دون باطنها، وقد أجاز الشرع التلبيد في الحج انتهى. ونقله القرافي في الذخيرة وابن عرفة وابن ناجي وغيرهم وقبلوه، ولفظ ابن عرفة الطراز: إن كان الحناء بباطن الشعر لم يمنع كالتلبيد انتهى.
الثامن: قال أبو الحسن، الصغير في قوله في المدونة حتى ينزعه هل بالماء كما يقول بعض الشيوخ وظاهر الكتاب بأي شئ أزاله. الشيخ: ومن يقول بالماء يقول لئلا ينضاف الماء الذي يمسح به لأنه بأول ملاقاته بيده ينضاف وليس هذا بصحيح، لان أكثر الناس تكون أعضاؤهم غير نقية من الدنس، فإذا فرغ الماء على أول العضو لم يصل إلى آخره حتى يتغير،