والفاكهاني وابن ناجي في شرح المدونة. وصرح بأن الأول، هو المعروف في المذهب، وعلى ذلك مشى غير واحد من أهل المذهب، ووقع في المدونة في صفة المسح: يبدأ بيديه من مقدم رأسه حتى يذهب بهما إلى قفاه. ففهم ابن عرفة أن مذهب المدونة كقول ابن شعبان فقال في حد الرأس: وهو من ملاصق الوجه وآخره فيها، وفي سماع موسى رواية ابن القاسم: حتى آخر شعر القفا، وعزاه اللخمي لابن شعبان. وجعل المذهب حتى جخر الجمجمة انتهى. ونص ما أشار إليه في سماع موسى قال مالك: يمسح رأسه فيمر بيديه من مقدمه إلى قفاه.
قلت: ونحوه قوله في التلقين وأما الرأس فهو ما صعد عن الجبهة إلى آخر القفا طولا وإلى الاذنين عرضا وكذا في عبارة غيره، لكن المتأخرون كلهم على نحو ما قاله اللخمي كما تقدم في عبارة صاحب الطراز. ويمكن رد ذلك إلى ما قاله غيره بأن يكون المراد إلى آخر شعر رأسه كما قال في الرسالة.
الثانية: القفا مقصور يذكر ويؤنث وجمعه أقفية، وقفي بضم القاف وكسر الفاء وتشديد الياء وفيه لغات.
تنبيهات: الأول قال في التوضيح: قال اللخمي وابن عبد السلام: لا خلاف أنه مأمور بالجميع ابتداء وإنما الخلاف إذا اقتصر على بعضه. قال ابن عبد السلام: وكان بعض أشياخي يحكي عن بعض شيوخ الأندلسيين أن الخلاف ابتداء في المذهب ولم أره انتهى.
قلت: ولم يرتض ابن عرفة ما قاله ابن عبد السلام بل قال: ظاهر قول المازري إثر ذكره الأقوال هذا القدر الواجب والكمال في الاكمال اتفاقا، وما ذكر من الاجزاء أن الخلاف في الواجب ابتداء وهو ظاهر عز وابن رشد لأشهب قول الشافعي، ومقتضى قول ابن حارث عن أشهب من ترك غير مقدم الرأس وضوؤه جائزه وروي عن ابن عمر: متعلق الاجزاء ظاهر اختلافهم في أقوال ومذاهب لا في مراعاة خلاف. والقول بوجوب شئ قبل فعله وسقوطه بتركه لا على معنى رعي الخلاف لا يعقل لأنه يؤدي لانقلاب الواجب غير واجب. وقوله متعلق الاجزاء بكسر الهمزة. وقوله وهو ظاهر عز وابن رشد لأشهب قول الشافعي يشير به إلى قول ابن رشد في رسم الصلاة من سماع أشهب من كتاب الوضوء، وذهب الشافعي وأبو حنيفة وجماعة من أهل العلم إلى إجازة مسح بعض الرأس، وإلى هذا ذهب أشهب في هذه الرواية. قال سند: ووجه المذهب ما ذكره مالك في العتبية لما قيل له: إن من مسح رأسه ولم يعمه. فقال: يعيد أرأيت إن غسل بعض وجهه، وذلك إن شاء الله تعالى أمر بمسح الرأس وغسل الوجه، فكما لم يقع الامتثال في غسل الوجه بالاستيعاب كذلك في مسح الرأس واعتبارا بمسح الوجه في التيمم، ولان العمل بذلك ثابت عن النبي (ص) وأفعال القرب تحمل على الوجوب إلا ما خصه الدليل، وكل ما يتعلق به المخالف من أن المسح لا يقتضي الاستيعاب. وأن الباء للتبعيض يبطل بقوله تعالى في التيمم * (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم)