مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٢١١
ولا يؤمر بغسله. وقد اختلف في اليسير المذكور هل يغتفر مطلقا على جميع الوجوه حتى يصير كالمائع الطاهر، أو اغتفاره مقصور على الصلاة فلا يقطع لأجله إذا ذكره فيها ولا يعيد، وأما قبل الصلاة فيؤمر بغسله على جهة الندب، قاله في التوضيح والأول مذهب العراقيين.
قال ابن عبد السلام: وهو الأظهر كغيره من النجاسات المعفو عنها، والثاني عزاه ابن عبد السلام والمصنف للمدونة، وعزاه صاحب الطراز وابن عرفة ناقلا عن المازري لابن حبيب، وكذلك ابن ناجي. قال صاحب الطراز: وهو خلاف ظاهر المذهب. ونقل ابن فرحون عن ابن حبيب مثل مذهب العراقيين فلعل له قولين، وكان المصنف اعتمد ترجيح صاحب الطراز وابن عبد السلام لمذهب العراقيين أو يكون مراده نفي الوجوب.
تنبيه: ويؤخذ من كلام ابن عبد السلام أن الدم اليسير وجميع النجاسات المعفو عنها إذا أصابت طعاما أنها لا تنجسه والله تعالى أعلم. وقد تقدم عن البرزلي وغيره ما يخالف ذلك والله تعالى أعلم.
تفريع على مذهب المدونة: قال فيها: إذا رآه في الصلاة تمادى ولم ينزعه وإن نزعه فلا بأس. قال سند: يحتمل قوله: لا بأس الاستحباب وعدمه انتهى. والظاهر على مذهبها الاستحباب إذا لم يكن في ذلك كبير عمل. وقال ابن ناجي: ظاهر الكتاب أن له النزع وإن كان قميصا، وبه قال القابسي ورآه من العمل الذي هو من إصلاح الصلاة لا يفسدها كثيره.
وقال عياض: معناه مما ليس في نزعه مشقة ولا شغل في الصلاة كالقلنسوة والرداء والعمامة والإزار وشبهه مراعاة لخفة العمل وقربه. وقيد ابن يونس رحمه الله تعالى الأول بقوله: يريد إذا كان عليه ما يستره وإلا لزمه إتمام الصلاة به انتهى. وهو يؤيد استحباب النزع، وكان ابن يونس قبل كلام القابسي. وأما سند فقال: إذا كان في نزعه عمل كثير فلا ينزعه لان نزعه ليس بواجب، وترك العمل الكثير في الصلاة من غير جنسها واجب وفعل ذلك يفسد الصلاة انتهى.
تنبيهات: الأول: قال في التوضيح: والمراد بالدرهم الدرهم البغلي، أشار إليه مالك في العتبية، ونص عليه ابن راشد. ومجهول الجلاب أي الدائرة التي تكون بباطن الذراع من البغل انتهى. وقال ابن فرحون بعد أن ذكر كلام التوضيح وفي التلمساني شارح الجلاب مثل ذلك ثم قال: وهذه النقول فيها نظر، والدرهم البغلي الذي أشار إليه مالك في العتبية المراد به سكة قديمة لمالك تسمى رأس البغل. ذكره النووي رحمه الله في تحرير التنبيه، ويدل لذلك قول مالك: الدراهم تختلف بعضها أكبر من بعض فهذا يدل على أنه أراد الدراهم المسكوكة.
وقد أوقفت بعض الفضلاء ممن أدركناه على كلام النووي وكان قد شرع في شرح التهذيب وذكر في ذلك نحو ما ذكر ابن راشد فرجع وأصلح كتابه.
قلت: والظاهر أن ذلك متقارب، وقد نقل ابن فرحون عن ابن يونس عن ابن عبد
(٢١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 ... » »»
الفهرست