المدونة: صلاة الرجل وأمامه جدار مرحاض وموضعه طاهر جائزة، وأجاز للمريض بسط ثوب كثيف على فراش نجس ويصلي عليه، فإذا طين الطين النجس بطين طاهر كثيف لم يكن لداخله حكم وهذا مما لا إشكال فيه. وقوله: وآدمي على حذف مضاف أي وغير أكل آدمي إذ لا يصح نفي كل منفعة تضاف للآدمي لأنه يجوز له الاستصباح بالدهن النجس وعمله صابونا وعلف الطعام النجس للدواب والعسل النجس للنحل وهو من منافعه. وقال في المدونة: ولا بأس بلبس الثوب النجس والنوم فيه ما لم يكن وقت يعرف فيه فيكره، ويأتي الكلام على ذلك إن شاء الله تعالى. ويأتي هنا قريبا أن التداوي بالنجس في ظاهر الجسد جائز على أحد القولين المشهورين، فأحرى بالمتنجس. وعلى القول فالظاهر الجواز لما تقدم من جواز دهن النعل، ولقوله في المدونة: يكره لبس الثوب النجس في وقت يعرق فيه. وشمل قوله:
آدمي الكبير والصغير والعاقل والمجنون وهو كذلك كما صرح به صاحب الطراز قال: ويجب على ولي الصغير والمجنون منعهما من ذلك انتهى، وأما عبده الكافر وزوجته الذمية وغيرهما من الكفار. فقال سند قال سحنون وابن الماجشون: لا يأمرهم ولا ينهاهم عنه. قال سند: وهذا يتخرج على الخلاف في خطابهم بفروع الشريعة، فعلى القول بخطابهم أكله حرام في حقهم فلا يأمرهم به، وعلى أنهم غير مخاطبين فإطعامه لهم كإطعامه للبهائم.
فرع: ذكر البرزلي عن بعضهم في مصحف كتب من دواة ثم بعد الفراغ وجد فيها فأرة ميتة أنه إن تبين أن الفأرة كانت في الدواة منذ بدأ فالواجب أن لا يقرأ فيه ويدفن وإن كان لا يتيقن ذلك فيحمل على الطهارة. قال البرزلي: ولا يتحتم دفنه بل إن أراد محاه في موضع طاهر فيدفنه أو يحرقه كما فعل عثمان رضي الله تعالى عنه. قال: والصواب عندي إن أمكن غسل أوراقه مثل أن تكون في رق والمداد لا يثبت مع الغسل أن يغسل وينتفع به ويحمل على الطهارة كما إذا صبغ بمتنجس وغسل وبقي لون الصبغ، وإن كان لا يمكن غسله فيحتمل أن يفعل به ما تقدم من دفنه أو حرقه ونحوه أو ينتفع به كذلك، كما أجيز لبس الثوب النجس في غير الصلاة والاستصباح بالزيت النجس وذكر الله طاهر لا يدركه شئ من الواقعات، واستدل عليها في موضع آخر بمسألة بناء المسجد بالماء النجس المتقدمة. وقوله: لا نجس يقتضي المنع من الانتفاع بالنجس مطلقا، أما أكله والتداوي به في باطن الجسد فالاتفاق على تحريمه كما نقله المصنف في التوضيح في كتاب الشرب عن الباجي وغيره، وصرح بذلك ابن ناجي والجزولي وغيرهما، لكن حكى الزناتي فيما إذا استهلكت الخمر في دواء بالطبخ أو بالتركيب حتى يذهب عينها ويموت ريحها وقضت التجربة بإنجاح ذلك الدواء قولين بالجواز والمنع. قال: وإن لم تقض التجربة بإنجاحه لم يجز باتفاق انتهى.
قلت: والظاهر المنع مطلقا، وأما التداوي بالخمر والنجس في ظاهر الجسد فحكى المصنف في التوضيح وغيره فيه قولين، المشهور منهما أنه لا يجوز. وقال ابن ناجي رحمه الله