الذكورة، والثالث: الاجتهاد، فلا يجوز تولية جاهل بالأحكام الشرعية وطرقها المحتاج إلى تقليد غيره فيها، وإنما يحصل أهلية الاجتهاد لمن علم أمورا أحدها كتاب الله تعالى، ولا يشترط العلم بجميعه، بل مما يتعلق بالأحكام، ولا يشترط حفظه عن ظهر القلب، ومن الأصحاب من ينازع ظاهر كلامه فيه. الثاني: سنة رسول الله (ص) لا جميعها، بل ما يتعلق منها بالأحكام، ويشترط أن يعرف منها العام والخاص، والمطلق والمقيد، والمجمل والمبين، والناسخ والمنسوخ، ومن السنة المتواتر والآحاد، والمرسل والمتصل، وحال الرواة جرحا وتعديلا. الثالث:
أقاويل علماء الصحابة ومن بعدهم رضي الله عنهم إجماعا واختلافا. الرابع:
القياس فيعرف جليه وخفيه، وتمييز الصحيح من الفاسد. الخامس: لسان العرب لغة وإعرابا، لأن الشرع ورد بالعربية وبهذه الجهة يعرف عموم اللفظ وخصوصه وإطلاقه وتقييده، وإجماله وبيانه. قال أصحابنا: ولا يشترط التبحر في هذه العلوم، بل يكفي معرفة جمل منها، وزاد الغزالي تخفيفات ذكرها في أصول الفقه منها: أنه لا حاجة إلى تتبع الأحاديث على تفرقها وانتشارها، بل يكفي أن يكون له أصل مصحح وقعت العناية فيه بجميع أحاديث الاحكام كسنن أبي داود، ويكفي أن يعرف مواقع كل باب، فيراجعه إذا احتاج إلى العمل بذلك الباب.
قلت: لا يصح التمثيل بسنن أبي داود فإنه لم يستوعب الصحيح من أحاديث الاحكام ولا معظمه، وذلك ظاهر، بل معرفته ضرورية لمن له أدنى اطلاع.
وكم في صحيح البخاري ومسلم من حديث حكمي ليس في سنن أبي داود. وأما ما في كتابي الترمذي والنسائي وغيرهما من الكتب المعتمدة فكثرته وشهرته غنية عن التصريح بها. والله أعلم.