إحداها: حلف: ليأكلن هذا الطعام غدا، فلا يخفى البر إن أكل غدا، والحنث إن أخره عن الغد مع الامكان. فلو تلف الطعام قبل الغد بنفسه، أو بإتلاف أجنبي، فقد فات البر بغير اختياره، فيخرج حنثه على قولي المكره، والأظهر أنه لا يحنث. ويقال: إنه المنصوص، فإن قلنا: يحنث، فهل يحنث في الحال الحصول اليأس، أم بعد مجئ الغد؟ فيه قولان أو وجهان، فقطع ابن كج بالثاني. قال المتولي: وفائدة الخلاف أنه لو كان معسرا يكفر بالصوم، جاز أن ينوي صوم الغد عن كفارته إن قلنا: يحنث قبل الغد.
قلت: ومن فوائده لو مات الحالف قبل مجئ الغد أو أعسر، وقلنا: يعتبر في الكفارة حال الوجوب. والله أعلم.
فإن قلنا: لا يحنث قبل مجئ الغد، فهل يحنث إذا مضى من الغد زمن إمكان الاكل أم قبيل غروب الشمس؟ وجهان. قال البغوي: أصحهما الأول ولو مات الحالف قبل مجئ الغد، فقيل: هو كتلف الطعام، فيكون على الخلاف، والمذهب القطع بأن لا حنث، وهو الذي يقتضي كلام ابن كج والبغوي وغيرهما، لأنه لم يبلغ زمن البر والحنث. ولو مات بعد مجئ الغد وقبل امكان الاكل، فهو كتلف الطعام بعد مجئ الغد على ما سنذكره إن شاء الله تعالى من التفصيل، وقطع المتولي بأن لا حنث.
أما إذا تلف الطعام أو بعضه بعد مجئ الغد، فينظر، إن كان قبل التمكن من الاكل، فهو كتلف الطعام قبل الغد، وفيه الخلاف. وإن تلف بعد التمكن، أو مات الحالف بعد التمكن، فالمذهب الحنث، لأنه تمكن من البر، فصار كما لو قال:
لآكلن هذا الطعام، وتمكن من أكله ولم يأكله حتى تلف، فإنه يحنث قطعا. فعلى