اختيار المزني والقفال، أنه لا تنحل اليمين بخروجها بالاذن، كما لو قال: إن خرجت لابسة للحرير، فأنت طالق، فخرجت غير لابسة، لا تنحل اليمين، حتى لو خرجت بعده لابسة طلقت، والمذهب الأول، وهو المنصوص، لأن اليمين تعلقت بخرجة واحدة، وهي الأولى. قال البغوي: ومقتضى هذا أنه لو قال: إن خرجت غير لابسة للحرير أو لابسة، فأنت طالق، فخرجت لابسة تنحل اليمين، وهذه يخالف قول الغزالي: لو قال إن خرجت بلا خف، فأنت طالق، فخرجت بخف، لا تنحل اليمين، وفرق بينه وبين مسألة الاذن بفرق ضعيف، فالوجه التسوية بين الصورتين، كما ذكره البغوي. ولو قال: كلما خرجت، أو كل وقت خرجت بغير إذني، فأنت طالق، فخرجت مرة بالاذن، لم تنحل اليمين، لأنها صيغة تكرار. فلو قال: أذنت لك في الخروج كلما أرد ت، أغناه ذلك عن تجديد الاذن لكل خرجة. ولو قال: متى خرجت، أو متى ما، أو مهما، أو أي وقت، أو أي حين، فالحكم كما لو قال: إن خرجت، لأن هذه الصيغ لا تقتضي التكرار. وفي الرقم للعبادي: إلحاق متى ما، ومهما بكلما وهو خلاف نصه في الام.
ولو قال: إن خرجت أبدا إلا بإذني، فأنت طالق، لم يلزم التكرار أيضا، بل معناه في أي وقت خرجت، قريب أم بعيد وإذا علق الطلاق كما صورنا، ثم أذن لها في الخروج، ثم رجع عن الاذن، وخرجت بعده، نص في الام أنها لا تطلق، لان الاذن قد وجد، فزال حكم اليمين، والمنع بعده لا يفيد. ورأي أبو بكر الفارسي والمحققون تنزيل النص على ما إذا قال في التعليق: حتى آذن لك، لأنه جعل إذنه غاية اليمين، وقد حصل الاذن، فأما إذا قال: بغير إذني أو إلا بإذني، فإذا رجع ، ثم خرجت، فهذا خروج بغير إذن، وهو أول ما وجد بعد اليمين، فيقع الطلاق.
ومنهم من قال: قوله: إلا بإذني محتمل أيضا للغاية، فيحمل عليها. ولو قال: إن خرجت بغير إذني لغير عيادة، فأنت طالق، فخرجت لعيادة، ثم عرضت حاجة فاشتغلت بها، لم تطلق. وإن خرجت لعيادة وغيرها. فالمذكور في الشامل منسوبا إلى نصه في الام أنه لا يحنث، وذكر البغوي أنه الأصح. ويشبه أن يقال: إن كان المقصود بقوله لغير عيادة ما هو بمعزل عنها، لم يحنث، وهذا هو السابق إلى الفهم منه، وإن كان المقصود ما يغايره في الحقيقة، فمجموع العيادة والحاجة الأخرى يغاير مجرد العيادة.