يجريان في صور. منها: لو أشار إلى صبرة حنطة، وقال: لا آكل هذه، حنث بأكلها على هيئتها، وبأكلها بعد الطحن والعجن والخبز والطبخ. ولو قال: لا آكل حنطة، لم يحنث بالخبز والعجين والدقيق والسويق، ويحنث بأكل الحنطة نيئة ومقلية ومطبوخة ومبلولة. ولو قال: لا آكل هذه الحنطة، حنث بأكلها نيئة فقط، ومطبوخة، وهل يحنث بأكل دقيقها وسويقها وعجينها وخبزها؟ وجهان. أصحهما: لا، وبه قطع بعضهم، لزوال اسم الحنطة، فصار كما لو زرعها وأكل حشيشها. أو قال: لا آكل هذا البيض، فصار فرخا فأكله، فلو قال: لا آكل من هذه الحنطة، فكذلك الحكم، إلا أن هنا يحنث بأكل بعضها. وحكي وجه أنه إذا قال: من هذه الحنطة، حنث بأكل كل ما يتخذ منها. ولو قال: لا آكل هذا الدقيق، فأكل عجينه أو خبزه، أو هذا العجين، فأكل خبزه، فعلى الخلاف.
ومنها: لو قال: لا آكل هذا الحيوان، فذبحه وأكله، حنث، لأن الحيوان هكذا يؤكل، وهو كما لو حلف: لا يلبس هذا الغزل، فلبس ثوبا نسج منه، حنث. ولو قال: لا آكل لحم هذه السخلة أو الخروف، فصار كبشا فذبحه وأكله، فمن قال في مسألة الحنطة: يحنث، قال هنا: يحنث، ومن قال هناك:
لا يحنث، قال هنا: وجهان، أصحهما: لا يحنث، ويجري الوجهان فيما لو قال: لا أكلم هذا الصبي، فكلمه بعد مصيره شابا، أو هذا الشاب فكلمه بعد مصيره شيخا.
ومنها: لو قال: لا أكلم هذا وأشار إلى عبد فعتق، ثم كلمه، حنث، ولو قال: لا أكلم هذا العبد، فعتق، فهو كمسألة السخلة.
ومنها: لو قال: لا آكل هذا الرطب، فصار تمرا، أو هذا البسر فصار رطبا، أو العنب فصار زبيبا، أو لا أشرب هذا العصير، فصار خمرا، أو هذا الخمر فصار خلا، أو لا آكل هذا التمر، فاتخذ منه عصيدة، ثم أكل أو شرب، ففيه هذا الخلاف، وذكر الصيدلاني أن الشافعي رحمه الله نص على عدم الحنث في مسألة الحنطة والتمر، وعلى الحنث في الصبي والسخلة. فقيل: قولان: وقيل: بتقرير النصين. والفرق من وجهين: أحدهما: أن مسألة الحنطة والتمر تبدل الاسم، وفي السخلة والصبي تبدل الصفة، وتبدل الصفة لا يسقط الحنث، والثاني: أن التبدل