تحقيق ذلك الفعل، حنث بمباشرته، وبالأمر به، لشمول المعنى وإرادة هذا المعنى إرادة المجاز فقط.
قلت: هذا الذي ذكره الرافعي حسن، والأول صحيح على مذهب الشافعي، وجمهور أصحابنا المتقدمين في جواز إرادة الحقيقة والمجاز بلفظ واحد. والله أعلم.
فرع حلف: لا يحلق رأسه، فأمر غيره، فحلقه، فقيل: يحنث للعرف. وقيل: فيه الخلاف، كالبيع. ولو حلف: لا يبيع من زيد، فباع من وكيله، أو وكل من باع من زيد، لم يحنث. ولو حلف: لا يبيع لزيد مالا، فباع ماله بإذنه أو بإذن الحاكم بحجر، أو امتناع الحاكم، حنث. وإن باع بغير إذن، لم يحنث، لفساد البيع. فلو وكل زيد وكيلا في بيع ماله، وأذن له في التوكيل، فوكل الوكيل الحالف وهو لا يعلم، نص في الام أنه لا يحنث، وهو تفريع على أحد القولين في حنث الناسي. وقال المتولي: إن كان أذن لوكيله أن يوكل عنه، حنث، لأنه باع لزيد يعني إذا علم، أو قلنا: يحنث الناسي، وإن كان أذن له في التوكيل عن نفسه، فباع، لم يحنث، لأنه لم يبع لزيد، بل لوكيله وإن أطلق الاذن في التوكيل، فعلى الخلاف في أن من يوكله وكيل الموكل، أم وكيل الوكيل؟ ولو قال:
لا يبيع لي زيد مالا، فوكل الحالف رجلا في البيع، وأذن له في التوكيل، فوكل الوكيل زيدا، فباع، حنث الحالف، سواء علم زيد أم لم يعلم، لأن اليمين منعقدة على نفي فعل زيد، وقد فعله زيد باختياره.
المسألة الثالثة: حلف لا يبيع، فباع بيعا فاسدا، أو لا يهب، فوهب هبة فاسدة، لم يحنث، وتنزل ألفاظ العقود على الصحيح. هذا إذا أطلق اليمين، فإن أضاف العقد إلى مالا يقبله، بأن حلف: لا يبيع الخمر، أو المستولدة، أو مال زوجته، أو غيرها بغير إذن، ثم أتى بصورة البيع، فإن مقصوده أن لا يتلفظ بلفظ العقد مضافا إلى ما ذكره، حنث، وإن أطلق، لم يحنث، لأن البيع هو السبب