المشافهة باللفظ، والمراسلة، والمكاتبة عند الغيبة، ويجئ في المراسلة والمكاتبة خلاف كما سبق في الوكالة، وإن كان المذهب الصحة كما ذكره. وفيه أن صريح اللفظ: وليتك القضاء، واستخلفتك، واستنبتك، ولم يذكر التفويض بصيغة الامر، كقوله: اقض بين الناس، أو احكم ببلدة كذا، وهو ملحق بالصرائح، كما في الوكالة. وفيه أن الكنايات: اعتمدت عليك في القضاء، أو رددته إليك، أو اعتمدت، أو فوضت، أو وكلت، أو أسندت، وينبغي أن يقترن بها ما يلحقها بالصرائح ولا يكاد يتضح فرق بين: وليتك القضاء، وفوضته إليك.
قلت: الفرق واضح فإن قوله: وليتك متعين لجعله قاضيا، وفوضت إليك محتمل أن يراد توكيله في نصب قاض. والله أعلم.
وفيه أن عند المشافهة يشترط القبول على الفور، وفي المراسلة والمكاتبة لا يشترط الفور، وقد سبق في الوكالة خلاف في اشتراط القبول، وأنه إذا اشترط، فالأصح أنه لا يعتبر الفور فليكن هكذا هنا.
فرع يجوز تعميم التولية وتخصيصها، إما في الاشخاص بأن يوليه القضاء بين سكان محلة أو قبيلة، أو في خصومات شخصين معينين، أو ولاه القضاء بين من يأتيه في داره أو في مسجده من الخصوم، وإما في الحوادث بأن يوليه القضاء في الأنكحة دون الأموال أو عكسه، أو في قدر معين من المال، وإما في طرف الحكم بأن يوليه القضاء بالاقرار دون البينة أو عكسه، وإما في الأمكنة وهو ظاهر، وإما في الأزمنة بأن يوليه سنة أو يوما معينا، أو يوما سماه من كل أسبوع. وحكى ابن كج وجها أنه إذا قال: وليتك سنة، بطلت التولية كما في الإمامة، والمذهب الأول كالوكالة، ولو كان كالإمامة، لما جاز باقي التخصيصات. ومن ولي القضاء مطلقا، استفاد سماع البينة والتحليف، وفصل الخصومات بحكم بات أو إصلاح عن تراض، واستيفاء الحقوق والحبس عند الحاجة والتعزير، وإقامة الحدود، وتزويج من ليس لها ولي حاضر، والولاية في مال الصغار والمجانين والسفهاء والنظر في