ومتى رجع أحدهما قبل الحكم، امتنع الحكم حتى لو أقام المدعي شاهدين، فقال المدعى عليه: عزلتك، لم يكن له أن يحكم. وقال الإصطخري: إن أحسن المدعى عليه بالحكم فرجع، ففي تمكينه من الرجوع وجهان خرجهما، والمذهب الأول، وإذا جوزنا التحكيم في غير الأموال، فخطب امرأة، وحكما رجلا في التزويج، كان له أن يزوج قال الروياني: وهذا هو الأصح، واختيار الأستاذين أبي إسحاق الأسفراييني، وأبي طاهر الزيادي وغيرهما من المشايخ، وإنما يجوز فيه التحكيم إذا لم يكن لها ولي خاص من نسيب أو معتق، وشرط في بعض الشروح أن لا يكون هناك قاض، وحكى صاحب العدة القاضي أبو المكارم الطبري ابن أخت الروياني وجهين في اشتراطه. وليكن هذا مبنيا على الخلاف في أنه هل يفرق في التحكيم بين أن يكون في البلد قاض أم لا، وإذا رفع حكم المحكم إلى القاضي، لم ينقضه إلا بما ينقض قضاء غيره.
المسألة السادسة في أحكام منثورة تتعلق بالتولية.
يجب على الامام نصب القاضي في كل بلدة وناحية خالية عن قاض، فإن عرف حال من يوليه عدالة وعلما، فذاك، وإلا أحضره، وجمع بينه وبين العلماء ليعرف علمه، ويسأل عن سيرته جيرانه وخلطاءه، فلو ولى من لا يعرف حاله، لم تنعقد توليته، وإن علم بعد ذلك كونه بصفة القضاة، ويجوز ان يجعل الامام نصب القاضي إلى والي الإقليم وأمير البلدة، وإن لم يكن المجعول إليه صالحا للقضاء، لأنه وكيل محض، وكذا لو فوض إلى واحد من المسلمين اختيار قاض، ثم ليس له أن يختار والده ولا ولده، كما لا يختار نفسه. ولو قال لأهل بلد: اختاروا رجلا منكم، وقلدوه القضاء، قال ابن كج: جاز على الأصح. ويشترط في التولية تعيين محل ولايته من قرية، أو بلدة، أو ناحية، ويشترط تعيين المولى، فلو قال: وليت أحد هذين أو من رغب في القضاء ببلدة كذا من علمائها، لم يجز. ولو قال: فوضت القضاء إلى فلان وفلان، فهذا نصب قاضيين. وفي الأحكام السلطانية للقاضي الماوردي: إن تولية القضاء تنعقد بما تنعقد به الوكالة، وهو