وجميع ما ذكرناه في الاستخلاف العام، أما في الأمور الخاصة، كتحليف وسماع بينة، فقطع القفال بجوازه للضرورة، وقال غيره: هو على الخلاف، وهو مقتضى إطلاق الأكثرين.
فروع أحدها: يشترط في الذي يستخلفه ما يشترط في القاضي، قال الشيخ أبو محمد وغيره: فإن فوض إليه أمرا خاصا، كفاه من العلم ما يحتاج إليه في ذلك الباب حتى إن نائب القاضي في القرى إذا كان المفوض إليه سماع البينة ونقلها دون الحكم، كفاه العلم بشروط سماع البينة ولا يشترط فيه رتبة الاجتهاد.
الثاني: قال الروياني في التجربة: نص الشافعي رحمه الله في المبسوط يدل على أن الحاكم الشافعي لا يجوز أن يستخلف من يخالفه، والمعروف في المذهب خلافه، لأن الحاكم يعمل باجتهاده حتى لو شرط على النائب أن يخالف اجتهاده، ويحكم باجتهاد المنيب لم يجز، وكذا إذا جوزنا تولية المقلد للضرورة، فاعتقاد المقلد في حقه كاجتهاد المجتهد، فلا يجوز أن يشرط عليه الحكم بخلاف اعتقاد مقلده، فلو خالف وشرط القاضي الحنفي على النائب الشافعي الحكم بمذهب أبي حنيفة قال في الوسيط: له الحكم في المسائل التي اتفق عليها الإمامان دون المختلف فيها، وهذا حكم منه بصحة الاستخلاف، لكن قال الماوردي وصاحبا المهذب والتهذيب وغيرهم: لو قلد الامام رجلا القضاء على أن يقضي بمذهب عينه، بطل التقليد. ومقتضى هذا بطلان الاستخلاف هناك، وفي فتاوى القاضي حسين أن الامام الحنفي لو ولى شافعيا بشرط أن لا يقضي بشاهد ويمين، ولا على غائب، صحت التولية، ولغا الشرط، فيقضي بما أدى إليه اجتهاده، ومقتضى هذا أن لا يراعى الشرط هناك، قال الماوردي: ولو لم تجر صيغة الشرط، بل قال الامام: قلدتك القضاء، فاحكم بمذهب الشافعي، ولا تحكم بمذهب أبي حنيفة، صح التقليد، ولغا الأمر والنهي، وفيه احتمال، قال: ولو قال: لا تحكم في قتل المسلم بالكافر والحر بالعبد، جاز، وقد قصر عمله على باقي الحوادث، وحكى وجهين فيما لو قال: لا تقض فيهما بقصاص أنه