قلت: الصواب الجزم بأنه لا يحنث. والله أعلم.
وإن قال: إن خرجت إلا لعيادة، فينبغي أن يحنث، لأنه يصدق أن يقال:
لم تخرج للعيادة بل لها ولغيرها.
النوع الخامس في الكلام وفيه مسائل:
إحداها: إذا قال: والله لا أكلمك فتنح عني، أو قم أو اخرج، أو شتمه، أو زجره، حنث، سواء عقب هذا لليمين متصلا أم فصله، لأنه كلمه. وقيل:
لا يحنث إذا وصله، لأن المقصود به تأكيد اليمين، والصحيح الأول. ولو كتب إليه كتابا أو أرسل رسولا، فقولان: الجديد: لا يحنث، ومنهم من قطع به، وقيل:
القديم إنما هو إذا نوى بيمينه المكاتبة. وقيل: القولان في الغائب، فإن كان معه في المجلس، لم يحنث قطعا، والمذهب طردهما في كل الأحوال. ويجريان في الإشارة بالرأس والعين، ولا فرق على الجديد بين إشارة الأخرس والناطق، وإنما أقيمت إشارة الأخرس في المعاملات مقام النطق للضرورة.
فرع هجران المسلم فوق ثلاثة أيام، فلو كاتبه أو راسله، فهل يزول الاثم؟ نظر إن كانت مواصلتهما قبل الهجران بالمكاتبة أو المراسلة، ارتفع الاثم، وإلا فإن تعذر الكلام لغيبة أحدهما، فكذلك، وإلا، فوجهان بناء على القولين الجديد والقديم، حتى لو حلف أن يهاجره، فهل يحنث بالمكاتبة والمراسلة؟ فيه هذا الخلاف. وأطلق ابن أبي هريرة أنه يرتفع الاثم بالمكاتبة والمراسلة، ثم لا يخفى أن المكاتبة إنما ترفع الاثم إذا خلت عن الايذاء والايحاش، وإلا، فهو كما