الجاني عبدا على عبد كان لسيد العبد الخيار في القصاص أو العقل وليس للعبد في ذلك خيار أن كانت الجناية جرحا برئ منه سواء كان العبد مرهونا أو غير مرهون أنه إذا أخذ عقلا وهو مرهون خير بين أن يدفع ما أخذ له من العقل رهنا إلى المرتهن أو يجعله قصاصا من دينه ولا يمنع القصاص قول المرتهن إنما جعلت عليه إذا اخذ العقل أن يجعله رهنا أو قصاصا لأنه يوم مقام بدن العبد إن مات أو نقص بدنه لنقص الجراح له وإن لم يمت وسواء هذا في المدبر وأم الولد لمالك المملوك في هذا كله فأما المكاتب فذلك إليه دون سيده يقتص إن شاء أو يأخذ الدية فإن اخذ الدية خلى بينه وبينها كما يخلى بينه وبين ماله (قال أبو محمد الربيع) وفي المكاتب يجنى عليه جناية فيها قصاص أنه ليس له أن يقتص من قبل أنه قد يعجز فيصير رقيقا فيكون قد أتلف على سيده المال الذي هو بدل من القصاص وله أن يأخذ العقل ويكون أولى به من السيد يستعين به في كتابته (قال الشافعي) وإذا ختار العقل في قتل العمد الذي فيه القصاص فهو حال في النفس وما دونها وكل عمد وإن كان ديات في مال الجاني موسرا كان أو معسرا لا تحمل العاقلة من قتل العمد شيئا (قال الشافعي) وإن أحب الولاة أو المجروح العفو في القتل بلا مال ولا قود فذلك لهم فإن قال قائل فمن أين أخذت العفو في القتل بلا مال ولا قود؟ قيل من قول الله جل ثناؤه (فمن تصدق به فهو كفارة له) ومن الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن في العفو عن القصاص كفارة أو قال شيئا يرغب به في العفو عنه، فإن قال قائل فإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين إن أحبوا فالقود وإن أحبوا فالعقل) قيل له نعم هو فيما يأخذون من القاتل من القتل والعفو بالدية والعفو بلا واحد منهما ليس بأخذ من القاتل إنما هو ترك له كما قال (ومن وجد عين ماله عند معدم فهو أحق به) ليس أن ليس له تركه ولا ترك شئ يوجب له إنما يقال هو له وكل ما قيل له أخذه فله تركه (قال الشافعي) وإذا قتل الرجل الرجل عمدا ثم مات القاتل فالدية في مال القاتل لأنه يكون لأولياء المقتول أن يأخذوا أيهما شاءوا إلا أن حقهم في واحد دون واحد فإذا فات واحد فحقهم ثابت في الذي كان حقهم فيه إن شاءوا وهو حي (قال الشافعي) وكذلك للرجل إذا جرحه الرجل الخيار في القصاص في الجرح فإن مات الجارح فله عقل الجرح إن شاء حالا كما وصفت في مال الجارح (قال الشافعي) وسواء أي ميتة مات القاتل والجارح بقتل أو غيره فدية المقتول الأول، وجرحه في ماله فإن جرح رجل جراحات في كلها قصاص فللمجروح الخيار في كل جرح منها كما يكون في جرح واحد لو جرحه إياه وإن شاء اقتص من بعضها وأخذ الدية من بعضها وإن شاء ذلك في كلها فهو له (قال الشافعي) كأنه قطع يديه ورجليه وأوضحه فإن شاء قطع له يدا ورجلا وأخذ عقل يد ورجل وإن شاء وضحه وإن شاء أخذ أرش الموضحة إذا كان له الخيار في كل كان له الخيار في بعض (قال الشافعي) وكذلك ورثة المقتول والمجروح بعد موته إن أحبوا اقتصوا للميت من النفس أو الجرح إن لم يكن نفسه وإن أحبوا أخذوا العقل وإن أحبوا إذا كانت جراح ولم يكن نفس أن يأخذوا أرش بعض الجراح ويقتصوا من بعض كان لهم (قال الشافعي) ومن قتل اثنين بواحد أو أكثر بواحد فقتل عشرة رجلا عمدا فلأولياء المقتول أن يقتلوا من شاءوا منهم وأن يأخذوا الدية ممن شاءوا فإذا أخذوا الدية لم يكن لهم أن يأخذوا من واحد إلا عشر الدية وإذا كانت الدية فإنما يغرمها الرجل على قدر من شركه فيها وهي خلاف القصاص (قال الشافعي) وإن قطع رجل يدي رجل ورجليه ثم مات المقطوعة يداه ورجلاه من تلك الجراح فأراد ورثته القصاص كان لهم أن يصنعوا ما صنع بصاحبه وإن أرادوا أن يقتلوه يأخذوا أرشا فيما صنع به لم يكن لهم وإذا كانت
(١٢)