ويمكن الاستعانة في ذلك بالفلسفة العليا، فأهل التحقيق قسموا الأشياء إلى ما تحت المقولة وما فوقها. فالباري جلت عظمته فوق المقولة لا يدخل في مقولة من المقولات العشر، ويقولون إن الماهية دون الجعل، وكل مخلوق لا يخرج عن حيز هذه المقولات أي:
الجوهر وأعراضه التسعة. والأعراض هي في واقعها تكممات وتكيفات وإضافات للجوهر وهو الأصل. ولكن لما جرت العادة على الأنس بالظواهر والاقتصار على الشكليات أغفل الناس البحث عما ورائها فتوهم تعدد الحقائق وأصبح الأصل يقاس بالفرع.
ومسألتنا من أهم المسائل التي لم تعط حق العناية زهدا في قيمتها العلمية على أنها من أخطر المسائل التي تؤثر في تفسير القرآن الكريم، والوقوف على أسرار حكمته ولطائفه.
إذا أدركت هذا فتدبر في موارد (شهد) وكرر الشهادة بالتوحيد مرة بمعنى الاقرار مجردا، وأخرى بحيث تتعدى حد الاعتراف اللفظي فربما اكتشفت سر العظمة في هذه الكلمة.
وخلاصة القول:
إن العلماء لم يحصل لهم الفراغ لتمييز الأصل من العوارض. والذي أثبتناه أن الاختلاف إنما هو من جهة الدوال المصاحبة، والذي أوقع