فالعمومية للحكم التي نقصدها هي ما يومي إليه قوله عز وجل في الآية: (لا تبديل لخلق الله).
ومن هنا انحصر حق التشريع في الباري عز وجل، لأنه العالم بجميع أبعاد النفس الانسانية التي هي موضوع التكليف. ومن أجل هذا سقطت القوانين الوضعية وأخفقت في تحقيق أهدافها.
والعلم بحدود الأحكام زمانا ومكانا ووصفا وحالا، شأنية كانت أو فعلية إنما يستكشف من مقام الاثبات والدليل فحسب.
وكون الحكم الشرعي عاما أو مطلقا مرة، وخاصا ومقيدا مرة أخرى، لا ينافي فطرية الأحكام ودائميتها بالمعنى الذي أشرنا إليه، فقد تحكم بعض الظروف أن يطلق الحكم في فترة معينة حسب تمامية المقتضيات وكمال المصالح وعدم الموانع من ترتب لوازم فاسدة ونحوها، ثم يأتي المقيد والمخصص إيذانا بمزاحمة مصلحة أخرى أقوى، أو بانتهاء أمد ذلك الحكم، نظير ما قيل في مبحث النسخ والبداء.
ثم إن في الآية التي هي محل البحث شاهدا على التعميم وهو قوله:
(.. كتب عليكم... كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).
فإن الابتعاد عن المحاذير واتخاذ التقاة والجنة لا يختص بزمان دون زمان ولا بشخص دون آخر. وتمام التحقيق في محله من المباحث التفسيرية.