أن يصف ابن عباس فعل مسلم مباح بأنه من صنع الشيطان؟ إذا هناك أمر من وراء الكواليس.
فلم يبق لنا بعد كل هذا إلا أن نقول: إن ما فعله عبيد إنما كان بدعة لا يتماشى مع ثوابت الوضوء في الاسلام.
ومن أجله وقف ابن عباس أمامه لاعتقاده بكون هذا الأمر أحدوثة، وهذا هو الذي أجاز له أن يصف فعل ظاهره الندب بأنه من صنع الشيطان لوقوفه على تبني أشخاص لهذا الرأي وخلق منه اتجاه في التشريع الاسلامي.
وما جواب عطاء بنفي الاستحباب إلا ليؤكد على هذه الحقيقة كذلك.
ولم يقف ردع التابعين لهذه الفكرة الخاطئة عند عطاء حتى شمل سعيد بن المسيب كذلك، فقد أخرج ابن أبي شيبة بسنده عن سعيد بن المسيب أنه قال: الوضوء من غير حدث اعتداء (1).
فلو تساءلنا: أحقا أن وضوء غير المحدث اعتداء؟ مع ثبوت إباحته عند كل المسلمين، أم أن وراء هذه المقولة شئ آخر؟
لكان جوابنا: أن سعيد بن المسيب لا يعني بقوله: إن الوضوء المندوب هو اعتداء، بل كان يريد الإشارة إلى أن التعمق في الدين والتعدي عما شرعه الله هو الابتداع وهذا ما يريده هؤلاء لأنه التزام بما لم يلزمنا الله ورسوله به، وهو فعل أهل الجهل حسب وصف أبي موسى الأشعري لهم ولكونه فهم متأخر من عهد التشريع - وأنت ترى - أن موقف سعيد بن المسيب لا يقل في الشدة عن موقف أبي موسى وابن عباس وغيرهما، وقد ذكرنا لك بأن هذه النصوص والشدة والحدة التي فيها كافية للدلالة على أن هناك نهج اسمه (وضوء من لم يحدث)، بدءا بأهل الجهل في زمن أبي موسى الأشعري إلى يومنا هذا.
أقول وبعد كل ما مر من ا ن وضوء من لم يحدث هو من صنع الشيطان، وأنه من أهل الجهل، وأنه اعتداء في الدين وأنه ليس بمستحب إذ وقفت على نص الإمام علي وشربه كلما واقفا واتيانه بالمسح بعد أن بال وحين كان طاهرا.