وأحدث في الدين.
فالإمام قد أوقف الأمر الأول على نفسه، لوقوفه على حقيقة تاريخية وبدعة ظاهرة جاءت بعد النبي (صلى الله عليه وآله) وقبل خلافته، ورفع الأمر الثاني - وهو الشرب واقفا - إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليزيل عن الناس ما تصوروه خطأ من عدم جواز فعل ذلك.
الرابعة: إن القول بكون جملة " هذا وضوء من لم يحدث " حكما لمن لم ينقض وضوءه بحدث! يدعونا للقول بوجود حكمين لمتعلق واحد.
1 - حكم وضوء من أحدث = غسل الرجلين.
2 - حكم وضوء من لم يحدث = جواز المسح على القدمين.
وهذا لغو وباطل، ولو صح للزم أن يدل عليه دليل من الذكر الحكيم أو السنة المطهرة، ولجاء في كلام الصحابة، وحيثما لم نجد ذلك عرفنا أن مقصود الإمام هو الابتداع والإحداث في الدين، وأنه قصد بكلامه من سبقه في طرح هذه الرؤية المغلوطة وهو الخليفة عثمان بن عفان!
الخامسة: لا يشك أحد من المسلمين بأن الوضوء مندوب في الشريعة سواء أحدث أم لم يحدث، إلا أن بعض المسلمين في الصدر الأول تصور ضرورة الوضوء لكل صلاة، فقد روى عبد الرزاق بسنده عن حطان بن عبد الله الرقاشي، قال: كنا مع أبي موسى الأشعري في جيش على ساحل دجلة إذا حضرت الصلاة، فنادى مناديه للظهر، فقام الناس إلى الوضوء فتوضأوا، فصلى بهم ثم جلسوا حلقا، فلما حضرت العصر نادى منادي العصر، فهب الناس للوضوء أيضا، فأمر مناديه فنادى: إلا، لا وضوء إلا على من أحدث، قد أوشك العلم أن يذهب، ويظهر الجهل حتى يضرب الرجل أمه بالسيف من الجهل (1) وروى أيضا بسنده عن المسدد بن مخرمة، قال لابن عباس... عبيد بن عمير إذا سمع النداء خرج فتوضأ، قال ابن عباس: هكذا يصنع الشيطان، إذا جاء فآذنوني، فلما أخبروه قال: ما يحملك على ما تصنع؟
قال: أن الله يقول (إذا قمتم إلى...)