عن سفيان بن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه قال: صلى رسول الله الصلوات كلها بوضوء فقال له عمر: يا رسول الله صنعت شيئا لم تكن تصنع، فقال (صلى الله عليه وآله): عمدا فعلته يا عمر (1).
فيشعر هذا النص بأن رسول الله كان يتخوف من اتخاذ بعض الصحابة حالة الوضوء لكل صلاة من دون حدث سنة يلتزم بها، ولهذا قال لعمر: عمدا فعلته.
وروى ابن جرير بسنده عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر أنه سئل عن وضوء عبد الله بن عمر لكل صلاة - طاهرا أو غير طاهر - فقال: قالت: أسماء ابنة زيد بن الخطاب، إن عبد الله بن زيد بن حنظلة بن أبي عامر الغسيل حدثنا أن النبي أمر بالوضوء عند كل صلاة فشق ذلك عليه فأمر بالسواك ورفع عنه الوضوء إلا من حدث (2).
فهذا النص يوضح أن الوضوء لكل صلاة كان مما أمر به النبي ونسخ دفعا للمشقة، فقد يكون بعض الصحابة أدخلوا هذا الأمر في التشريع اجتهادا واستحسانا من أنفسهم له أو أنهم لم يقفوا على نسخه.
فنتسائل بعد هذا هل يعقل أن يكون هذا الحكم والذي رفعه الله عن أمة النبي تفصلا أن يعمل به من قبل علي بن أبي طالب وفي أيام خلافته في رحبة الكوفة، والذي قال عنه النبي ما قال؟؟!
السادسة: من الثابت كون الإمام علي بن أبي طالب من قادة التعبد المحض، إذ كان لا يرتضي الاجتهاد، بل كان يجد لتصحيح ما فتقه من سبقه من الخلفاء، بخلاف عثمان بن عفان الذي اجتهد في تقديم الخطبة قبل الصلاة في العيدين، وإتمام الصلاة بمنى، وعفوه عن عبيد الله بن عمر، وغيرها...، وقد رماه الصحابة بالإحداث والإبداع، فقال له طلحة: إنك قد أحدثت أحداثا لم يكن الناس يعهدونها (3).
وقال الزبير في حقه: اقتلوه فقد بدل دينكم (4).