لغير المحدث في الإسلام ولا عند المسلمين للأدلة التالية:
الأول: ثبت عن ابن عباس قوله (الوضوء غسلتان ومسحتان) و (أبي الناس إلا الغسل) و (لا أجد في كتاب الله إلا المسح)، وثبوت هذا عنه يؤكد على أن ما افترضه الله هو المسح لا غير، دون تفصيل بين من يحدث وبين من لم يحدث!
ثم إن جملة (أبي الناس) في الخبر الثاني عنه تشير إلى أن المعارضين للغسل كانوا تيارا حكوميا أحبوا الغسل لاحقا لما فيه من الإنقاء والنظافة، واستجابوا لما دعت إليه الحكومة الأموية في أواخر عهد معاوية بن أبي سفيان حسبما اتضح في مدخل الدراسة، ويكون قول ابن عباس (أبي الناس إلا الغسل) عبارة أخرى عن الوضوء المحدث في زمن عثمان والذي امتد وبقي حتى العصر الأموي، فحاربه ابن عباس أيضا، ودلل على أن الوضوء الصحيح الذي ليس فيه إحداث وابتداع هو غسلتان ومسحتان لا غير.
ثم إننا نعلم أن القول بالمسح لغير المحدث متفرع على القول بالغسل، وذلك لأن القائلين بالغسل حينما لم يستطيعوا رد الروايات المستفيضة عن علي في أن مذهبه المسح، عمدوا إلى تغيير معنى الإحداث الديني إلى الناقضية، لكن نفي ابن عباس وجود حكم غسلي للوضوء يصرح بعدم وجود حكم اسمه " وضوء من لم يحدث " - بمعنى الناقضية - في الشريعة الإسلامية.
الثاني: قد ثبت في رواية المسئ أن رفاعة بن رافع، قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): (لا يتم صلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين).
وفي هذا دلالة على أن ما فرضه الله تعالى للمتوضئ هو مسح القدمين لا غير.
وذلك لأنه (صلى الله عليه وآله) كان في مقام بيان ما فرضه الله من أحكام الوضوء للمسلمين عموما، وللمسئ الذي كان يجهلها خصوصا، فلو كان ثمة رخصة أو شئ اسمه وضوء من لم يحدث لبينه النبي (صلى الله عليه وآله) في تعاليمه ولذكره له.
وأما جملة (حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله) في هذه الرواية ففيها إشارة إلى دحض مسلك الرأي، واستغلالهم مفهوم الإسباغ للإكثار من الغسلات، وللتدليل على غسل الأرجل، لما مر عليك من قول عائشة لعبد الرحمن (أسبغ الوضوء، فإني