الباب، فإن قوت القرائن إرادة معنى الناقضية فهو، وإن دلت على إرادة الإحداث في الدين فنأخذ به، فلا محيص عن أن نبحث على ما يعين لنا المراد من اللفظ، وقد تتبعنا القرائن والشواهد، فرأيناها كالتالي:
الأولى: إن جملة " هذا وضوء من لم يحدث " لم ترد على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله) [أو أحد من الصحابة غير علي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب] (1)، وهذا يدلنا على عدم فصل النبي (صلى الله عليه وآله) بين حكم المحدث وغيره، لكون الوضوء من الأمور المبتلى بها في الحياة اليومية ومما يتوقف عليه الكثير من العبادات والقربات الإلهية، فلو كان حقا هناك فصل في حكم هذه المسألة للزمه (صلى الله عليه وآله) أن يبينه ويوضحه للمسلمين لكونه رسول رب العالمين والمبلغ لأحكامه تعالى، فعدم بيانه لهذا الحكم يرشدنا إلى عدم ثبوت هذا الحكم في الشرع المبين، إذ أن ترك بيان مثل هذا الأمر - وضوء المحدث، ووضوء غيره - يعني كتمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لبعض أحكام الله تعالى والعياذ بالله.
أو إحراجه (صلى الله عليه وآله) المسلمين بإيجاب إتيانهم بأمور " كغسل الرجلين " مع إمكانهم أدائها بطرق شرعية سهلة لمن حافظ على وضوئه الغسلي " كمسح الرجلين "!!
وعليه فعدم وجود مرفوع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو موقوف على صحابي آخر غير علي وعمر فيه هذه الجملة، يرشدنا إلى عدم صحة ما افترضوه في كلامه (عليه السلام) من كونه متعلقا بوضوء من لم يحدث حدث الطهارة.
الثانية: من الثابت في الشرع لزوم نسبة الأحكام إلى الله ورسوله، فتراهم يقولون: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال كذا، أو خطبنا (صلى الله عليه وآله) في المسجد فقال، أو: فعلنا كذا بمحضر الرسول ولم يمنعنا، أو: ألا أريكم وضوء نبيكم، أو غير ذلك مما جرت به سيرتهم في رفع الأحكام إلى الشارع المقدس، والوضوء لم يخرج عن هذه القاعدة العامة الشرعية، ولو تتبعت المرويات فيه لرأيت أن من روى فيه قد رفع حديثه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لكن لنا سؤال وهو: لماذا لم يرفع الإمام علي جملة " هذا وضوء من لم يحدث " إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حين نجده - في نفس الرواية - يرفع قضية شرب فضلة الوضوء وهو قائم إليه (صلى الله عليه وآله)، فيقول: هكذا رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعل، أو: إني