مخالفة النهج الحاكم مع علي وابن عباس نقلنا سابقا موقف ابن عباس من الخلافة ومخالفته مع بعض رموزها، وهذا هو الذي دعا الخلفاء لاحقا لتشديدهم على الناس بمخالفة فقه ابن عباس وعلي ابن أبي طالب، لأن المعروف عند المحققين أن النزاع بين بني هاشم وبني أمية لم يكن وليد يومه، إذ كان قبل الإسلام، ثم انتقل بعد الإسلام، وإن معاوية وأضرابه لم يسلموا إلا تحت ضلال السيوف وأسنة الرماح، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله لما فتح مكة أطلق سراحهم وعفا عنهم بقوله: أنتم الطلقاء.
وأن الله ورسوله كانا قد خصا بني هاشم بخصائص، وذلك لصمودهم ودفاعهم عن الدعوة الإسلامية أبان ظهورها، فجاء في صحيح البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وضع سهم ذي القربى في بني هاشم وعبد المطلب - أيام غزوة خيبر - فاعترض عثمان وجبير بن مطعم على حكم رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لهما صلى الله عليه وآله: إنا بنو هاشم وبنو عبد المطلب شئ واحد (1).
وفي رواية النسائي: إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام وإنما نحن وهم شئ واحد، وشبك بين أصابعه (2).
فالأمويون لم يذعنوا لقرار الله ورسوله في ذي القربى، واعترضوا على هذا الحكم الإلهي، وهم يضمرون العداء لبني هاشم وخصوصا لعلي، لأنه الرجل الأول المنصوب للخلافة، وهو الذي قتل صناديد قريش!
وهذا النمط منهم هو الذي رفض خلافة علي بن أبي طالب بعد عثمان، ثم حاربه بدعوى المطالبة بدم عثمان، ولما استقر الأمر لمعاوية سن لعن علي على المنابر ودبر كل صلاة (3)، حتى قيل بأن مجالس الوعاظ بالشام كانت تختم بشتم علي (4) وإن معاوية