زيد بن ثابت، ونعم المشير كان للإسلام رحمه الله فأحكما ما أحكما واستقضيا ما شذ عنهما (1)).
ومن هذا المنطلق كان عمر بن عبد العزيز يركز على الأخذ بأقوال الشيخين وترك أقوال علي وابن عباس وغيرهما ممن ينتهج نهج التعبد، حيث خطب فقال:
ألا وإن ما سن رسول الله صلى الله عليه وآله وصاحباه فهو دين نأخذ به وننتهي إليه، وما سن سواهما فإنا نرجئه (2).
هذا، وإن العباسيين لم يكونوا بأقل وطأة على فقه علي وابن عباس من الأمويين، فعن المنصور العباسي أنه طلب من الإمام مالك أن يكتب له الموطأ بقوله:
يا أبا عبد الله ضع هذا العلم ودونه وتجنب فيه شواذ عبد الله بن مسعود، ورخص ابن عباس، وشدائد ابن عمر، واقصد إلى أوسط الأمور، وما اجتمع عليه الأئمة والأصحاب، لنحمل الناس إن شاء الله على علمك وكتبك ونبثها في الأمصار، ونعهد إليهم ألا يخالفوها ولا يقضوا بسواها (3).
وفي آخر قول مالك للمنصور: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله تفرقوا في البلاد، فأفتى كل في مصره بما رأى، وإن لأهل البلد - يعني مكة - قولا، ولأهل المدينة قولا، ولأهل العراق قولا تعدوا فيه طورهم.
فقال المنصور: أما أهل العراق فلا أقبل منهم صرفا ولا عدلا، وأما العلم عند أهل المدينة فضع للناس العلم (4).
وفي نص آخر قال المنصور لمالك: يا مالك، أراك تعتمد على قول ابن عمر دون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله؟
فقال: يا أمير المؤمنين إنه آخر من بقي عندنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، فاحتاج الناس إليه، فسألوه وتمسكوا بقوله.
فقال: يا مالك، عليك بما تعرف إنه الحق عندك، ولا تقلدن عليا