الأرجل في القرآن والسنة النبوية هو المسح، لكن الناس أبوا غير ذلك، لقوله (أبي الناس إلا الغسل) وإن هذا الإباء أخذ شكله المتكامل في آخر عهد معاوية وما بعده حسبما وضحناه في مدخل الدراسة.
والذي نميل إليه هنا من القول هو: أن خالد بن مهران الحذاء هو الذي قال ذلك لا تحاد غالب أسانيد رجوع ابن عباس عنده.
الرابعة: المدقق في هذه المرويات يرى أن نسبة الرجوع إلى الغسل هي اجتهادية محضة من الرواة لا أنها نقل لكلام ابن عباس، فإنهم استوحوا الرجوع، من قراءة ابن عباس (وأرجلكم) بالنصب، لكون الأمر فيه يرجع إلى الغسل، فتصير معطوفة على الوجوه والأيدي لا على الرؤوس.
والمعلوم أن كلمة (يعني) و (عاد) - من الرواة - تستعمل للاستنتاجات الحدسية التي يمكن أن تصيب كما يمكنها أن تخطئ.
فإذا كان الأمر كذلك، فمن السخافة أن يستدل أحد على رجوع ابن عباس إلى الغسل بواسطة اجتهاد راو يخطئ ويصيب، قد فهم الغسل من قراءة النصب، والتي هي محل للبحث والمناقشة عند الأعلام.
فإذا كان الأمر كذلك، فمن السخافة أن يستدل أحد على رجوع ابن عباس إلى الغسل بواسطة اجتهاد راو يخطئ ويصيب، قد فهم الغسل من قراءة النصب، والتي هي محل للبحث والمناقشة عند الأعلام.
الخامسة: لا ملازمة بين قراءة النصب والغسل، ولا بين قراءة الجر والمسح، فأما أولا: فلأن أغلب أساطين المحققين من المفسرين قد ذكروا أن الآية دالة بنفسها على المسح سواء قرئت بالنصب أو الجر وهذا يخالف ما ادعوه في فهم القراءة، وسيأتي توضيح ذلك في بحث دعاوى وردود من هذا القسم من الدراسة، وفي البحث القرآني الوضوء في الكتاب واللغة.
وأما ثانيا: فلأن كثيرا من القائلين بالغسل قد اعترفوا بأن المسح حكم قد افترضه الله في كتابه، لكنهم في الوقت نفسه يقولون: إلا أنه نسخ، وفي نقل آخر عنهم: (إلا أن السنة جاءت بالغسل)، وهذا الفهم منهم يرشدنا إلى أنهم لا يشككون بتواتر القراءتين - النصب والجر - ومعنى كلامهم هو صحة القراءتين، وهذا صريح في نفي الملازمة بين الغسل أو المسح، وبين القراءتين المذكورتين.