قال البيهقي: احتج أصحابنا في نفي وجوب التسمية بهذا الحديث. وقال في موضع آخر: احتج أصحابنا في ذلك بحديث رفاعة بن رافع (1).
أقول: هذا يدل على ثبوت صحة الحديث لديهم، وإلا لما احتجوا به. وأما السر في عدم إخراج البخاري له في صحيحه مع صحته عنده، وإخراجه في تاريخه فمعلوم، لأنه جاء بما يخالف رأي ابن إسماعيل وزمرته، ويوافق مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، فهذا هو ذنب الحديث الذي كان سببا لطرحه.
قال ابن الجوزي: أخبرنا ابن عبد الخالق قال: أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد:
حدثنا محمد بن عبد الملك قال: حدثنا همام بن يحيى قال: حدثنا إسحاق بن عبد الملك بن أبي طلحة عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله...
ويمسح برأسه ورجليه " (2).
30 - قال الدارقطني: حدثنا الحسين: نا ابن حنان: نا بقية: نا أبو بكر بن أبي مريم: نا عبدة بن أبي لبابة عن محمد الخزاعي عن عائشة أنها قالت: ما زال رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمسح منذ أنزل عليه المائدة حتى لحق بالله عز وجل (3).
والخبر بهذا اللفظ مذكور في (سبل الهدى والرشاد) (4).
ثم إن أهل السنة حملوا خبر عائشة هذا على المسح على الخفين مع عدم وجود ما يدل على ذلك، بل إن ظهور الخبر في المسح على الرجلين واضح خاصة بعد أن ثبت عنها قولها: إن المسح على الخفين كان قبل المائدة. وقولها: لأن أخرهما بالسكاكين أحب إلي من أن أمسح عليهما. يعني الخفين، أو: لأن أقطع رجلي بالموسى أحب إلي من أن أمسح على الخفين. كما سيأتي تفصيل ذلك في المسح على الخفين إن شاء الله تعالى.