سعيدا علمه الملائكة الموكلون بذلك، ومن شاء الله من خلقه..) أ. ه.
- من المقطوع به أنه لا يعلم الغيب إلا الله ولكنه يعلم من خلقه ما شاء لمن يشاء (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا، إلا من ارتضى من رسول) فلا تناقض بين اختصاصه تعالى بعلم الغيب وبين تعليمه بعض خلقه ما يشاء من علم الغيب كما لو أظهر أحدا من خلقه على ما في الأرحام، ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى وصف ذاته بأنه عالم الغيب والشهادة والمخلوق يدرك شيئا من عالم الشهادة بحسه وعقله، فلا غرابة ولا تناقض إذا علم المخلوق شيئا من علم الأرحام المتصل بعالم الشهادة، وإنما وصف الباري نفسه بذلك ليدل على إحاطة علمه بكل شئ لا ليسلب المخلوق كل شئ من عالم الشهادة. والآن يمكننا أن نقارن بين علم الخالق وعلم المخلوق حول قوله تعالى: ويعلم (ما في الأرحام) لنرى الفرق الكبير وندفع الوهم والالتباس.
1 - إن الله سبحانه وتعالى يعلم جنس الجنين منذ الالقاح، بل قبل خلقه، بينما تبدأ محاولة المخلوق بعد ذلك بفترة معينة.
2 - إن علم الله عز وجل بما في الأرحام كعلمه بكل شئ لا يحتاج إلى واسطة وسبب، بينما يطرق المخلوق باب الأسباب والوسائط عبر تجارب طويلة، لكي يصل إلى بعض ما يريد مثلما توصل إليه اليوم من بزل السائل الامنيوسي أو غيره. فهل مثل هذا التعرف المبني على الوسائط الحسية يقارن بعلم الخالق عز وجل بالغيبيات، بل نقول إن طرق هذه الوسائل الحسية هو انتقال من علم الغيب إلى عالم الشهادة.
3 - إن علم الخالق تبارك وتعالى لا يتعرض للخطأ أو السهو بينما يتعرض علم المخلوق للخطأ والسهو وسوء التقدير. فإن بزل السائل الامنيوسي أو غيره من المحاولات، لا يأتي حتما بخلايا الجنين فقد يأتي بخلايا الام وتكون النتيجة خطأ وقد يذهل الفاحص ويسهو وقد يلتبس عليه الامر في التدقيق بالصبغيات الجنسية فيخطئ وهذا ما يحدث فعلا في المخابر أثناء تلك المحاولات. فإن وقع المخلوق من ذلك على شئ من الصواب، فبتعليم الله تعالى له كما قال تعالى: