(الباب الثالث) (في طب الرضا عليه السلام) عن الرضا صلوات الله عليه مخاطبا إلى المأمون. اعلم يا أمير المؤمنين (1) أن الله تعالى لم يبتل العبد المؤمن ببلاء حتى جعل له دواء يعالج به، ولكل صنف من الداء صنف من الدواء وتدبير ونعت، وذلك أن الأجسام الانسانية جعلت على مثل الملك، فملك الجسد هو ما في القلب (هو القلب نسخة) والعمال العروق والأوصال (2) والدماغ، وبيت الملك قلبه. وأرضه الجسد، والأعوان يداه ورجلاه وشفتاه وعيناه ولسانه وأذناه، وخزانته معدته وبطنه. وحجابه صدره، فاليدان عونان تقربان وتبعدان وتعملان على ما يوحى إليهما الملك، والرجلان تنقلان الملك حيث يشاء، والعينان تدلانه على ما يغيب عنه. لان الملك من وراء الحجاب لا يوصل إليه شئ إلا بالاذن، وهما سراجان أيضا، وحصن الجسد وحرزه الأذنان لا يدخلان على الملك إلا ما يوافقه لأنهما لا يقدران أن يدخلا شيئا حتى يوحي (3) الملك إليهما فإذا أوحى إليهما أطرق الملك منصتا (4) لهما حتى يسمع منهما ثم يجيب بما يريد فيترجم
(٩٥)