وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة مخلص له الايمان، غير جاحد ولا منكر له بربوبيته ووحدانيته، بل شهادة تصدق نسبته لنفسه وأنه كما قال عز وجل: (قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفوا أحد). وكذلك ربنا عز وجل. وصلى الله على سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله خاتم النبيين.
أما بعد، فإني نظرت في رسالة ابن عمي العلوي الأديب، والفاضل الحبيب، والمنطقي الطبيب، في إصلاح الأجسام وتدبير الحمام، وتعديل الطعام، فرأيتها في أحسن التمام، ووجدتها في أفضل الانعام، ودرستها متدبرا، ورددت نظري فيها متفكرا، فكلما أعدت قراءتها والنظر فيها ظهرت لي حكمتها، ولاحت لي فائدتها، وتمكنت من قلبي منفعتها، فوعيتها حفظا، وتدبرتها فهما، إذ رأيتها من أنفس العلائق، وأعظم الذخائر، وأنفع الفوائد، فأمرت أن تكتب بالذهب لنفاستها، وحسن موقعها، وعظم نفعها، وكثرة بركتها. وسميتها المذهبة، وخزنتها في خزانة الحكمة، وذلك بعد أن نسخها آل هاشم فتيان الدولة، لأن بتدبير الأغذية تصلح الأبدان، وبصحة الأبدان تدفع الأمراض، وبدفع الأمراض تكون الحياة، وبالحياة تنال الحكمة، وبالحكمة تنال الجنة.
وكانت أهلا للصيانة والادخار وموضعا للتأهيل والاعتبار، وحكيما يعول عليه، ومشيرا يرجع إليه، ومن معادن العلم آمرا وناهيا ينقاد له، ولأنها خرجت من بيوت الذين يوردون حكم الرسول المصطفى وبلاغات الأنبياء، ودلائل الأوصياء وآداب العلماء، وشفاء للصدور والمرضى من أهل الجهل والعمى، رضوان الله عليهم ورحمته وبركاته أولهم وآخرهم وصغيرهم وكبيرهم.
فعرضتها على خاصتي، وصفوتي من أهل الحكمة والطب، وأصحاب التأليف والكتب المعدودين في أهل الدراية، والمذكورين بالحكمة.. وكل مدحها وأعلاها، ورفع قدرها وأطراها، إنصافا لمصنفها، وإذعانا لمؤلفها، وتصديقا له في ما حكاه فيها. فمن وقعت له هذه الرسالة من بعدنا من أبنائنا وأبناء دولتنا ورعايانا وسائر الناس على طبقاتهم، فليعرف قدرها، والموهبة لها، وتمام النعمة عليه، وليأخذها بشكر، فإنها أنفس من العقيان، وأعظم خطرا من الدر