غيره. واعلم أن الشفاء لما نزل بك كتمانه، وأن الناس لا ينفعونك ولا يضرونك ولا يعطونك ولا يمنعونك.
سأله تلميذه سري السقطي ذات يوم عن الطائعين بأي شئ قدروا على طاعة الله عز وجل؟ قال: بخروج الدنيا من قلوبهم، ولو كانت في قلوبهم ما صحت لهم سجدة...
وتحدث جار معروف الكرخي وهو القاسم بن محمد البغدادي قال: كنت جار معروف الكرخي، فسمعته في السحر ينوح ويبكي وينشد:
أي شئ تريد مني الذنوب * شغفت بي فليس عني تغيب ما يضر الذنوب لو أعتقتني * رحمة لي؟ فقد علاني المشيب ويذكر ابن الجوزي في كتابه صفة الصفوة أن معروفا كان قاعدا على شاطئ دجلة إذ مر به شباب في زورق يضربون الملاهي ويشربون. فقال له إبراهيم الأطرش، وكان معه: ألا ترى إلى هؤلاء يعصون الله تعالى. أدع عليهم فرفع يده إلى السماء وقال: إلهي وسيدي. أسألك أن تفرحهم في الجنة كما فرحتهم في الدنيا. فاستغرب أصحاب معروف من هذه الدعوة فقال معروف موضحا: إذا فرحهم الله في الآخرة تاب عليهم في الدنيا، ولم يضركم بشئ.
وهكذا كان معروف رحمه الله حريصا على هداية العصاة والدعاء لهم بالتوبة.. وقال ابن أخت معروف ذات يوم: يا خال أراك تجيب كل من دعاك.
قال: يا بني، إنما خالك ضيف ينزل حيث ينزل. وهو يعني قرب سفره من الدنيا وعدم احتفاله بها.
وكان معروف يكره أن يغتاب أحد في مجلسه. فإذا تحدث أحد الحاضرين بذكر فلان قال له: أذكر الموت، واذكر القطن إذا وضعوه على عينيك.
وكان معروف إذا خلا إلى نفسه بكى وضرب نفسه وقال: يا نفس كم تبكين؟ أخلصي وتخلصي.