وتوهم: أنها في مقام ردع الناس عن أهل الكتاب والكفار، فلا يشمل المقصود، كما يظهر من ذيل الآية الكريمة، في محله، إلا أنه يفيد الأمر الآخر، وهو أن من لا يكون واردا في صدر الآية، يعد من الكفار في ذيلها، فتدبر جيدا.
ومنها: قوله تعالى في سورة المائدة: (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون) (1) ولمكان كونها في مقام تعيير الرباني والحبر والعلماء في الأمم، يعلم أن وظيفة العلماء والفقهاء من كل الأمم ذلك، وهذا مما لا يمكن إلا بتشكيل الحكومة، وكون الاختيارات الكلية بيد الفقيه.
وبعبارة أخرى: قضية ما تقرر في محله: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الواجبات الفردية كالصلاة والصوم، ولكنها كفائية كصلاة الميت.
ولكن الذي ينعقد لي قوته: أنها من الواجبات السياسية ويكون وظيفة الحكومة أولا، ولا بد من تشكيل الوزراء للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما هو الآن موجود في بعض البلاد المنتسبة إلى الاسلام.
وهذا هو وظيفة الربانيين والأحبار، ولا معنى لذلك إلا بعد ذاك، لعدم إمكان التصدي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالنسبة إلى الجائرين والسلاطين الكفار والفساق، إلا مع وجود المعدات