أي مثلا: إذا أراد الله تعالى بالإرادة التشريعية بعث العباد نحو الصلاة وترك شرب الخمر - مثلا - وكان الناس من أول الخلقة إلى آخر الزمن، يتركون الصلاة ويشربون الخمر، فإن قلنا: بأن ما يصنعه العباد خارج عن حكومته تعالى، كان هذا التشريع أيضا غير ممكن، لأنه لا يترشح منه الإرادة الجدية مع كونه عالما بذلك، لأنه من قبيل تكليف الحجر بعد العلم بعدم الانبعاث نحو المبعوث إليه.
وإن قلنا: بأن إرادة العباد ظل إرادته فالأمر أشد إشكالا وأصعب جدا، فكيف يمكن تشريع هذا القانون الكلي؟
والجواب: أن الإرادة التشريعية الباعثة لعباده الصالحين إلى تشكيل الحكومة، سبقت الإرادة التكوينية، فكان بين الإرادتين ترتب، وهو أنه تعالى يرى وجوب وجود النظم في العائلة البشرية، ويرى كمال ذلك بتصدي الفقهاء العدول - مثلا - فيأمرهم بذلك، وإذا كان يرى تخلفهم عن ذلك اختيارا مع القدرة عليه، يريد أن يتصدى الآخرون لهذا الشأن والشغل.
ولعمري إن الشبهة عويصة، ولا تنحل بمثله، فلتتدبر لعل الله يهديك ويهدينا.
وللمسألة مقام آخر، لاحتياجها إلى طور آخر من البحث خارج عن وضع الكتاب. والله هو المستعان.
والذي يمكن أن يقال: هو أن ما أشير إليه: من امتناع ترشح الإرادة