والاعتباري، يراعى ذلك الأصل، ويلاحظ مصالح المجتمع وتفنى المصالح الفردية للعباد، فأمره التكويني والتشريعي على مقياس واحد، وهذا هو المشاهد بالبرهان والوجدان، وليس من القياس أو الاستئناس بالاستحسان والاستذواق، كما لا يخفى على ذي مسكة، فضلا عن العاقل.
وثمرة هذا الأصل: أن الواجبات الشرعية النظامية في الاسلام، المجعولة لسياسة البلدان، والمحافظة على الناس أموالا وأعراضا، مما لا بد من إجرائها، وهي - بحسب ما يظهر - واجبة الاجراء من غير مراعاة حال خاص أو شخص. نعم لما كان تفويض أمرها إلى كل أحد مستلزما لما يفر منه، وهو الاختلال في النظم، فعليه مراعاة الأصل المزبور في تعيين المنفذ والمجري، فيحول الأمر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والولي (عليه السلام) أو غيرهما إلى منتهى عمر الدنيا والدين، فمن ذلك الأصل يعلم لزوم وجود من يتكفل أمر السياسة في المدن ويتصدى لمحافظة البلدان والنظام عن الفساد والاغتشاش، وحيث إن الذي خلق السماوات والأرض هو العالم العادل، فيبعث العالم العادل إلى العباد كالرسل، وينزل الكتب المشتملة على الأحكام العادلة في الرعية، ويعين عليهم تعيين العالم العادل في الرعية، خاصا كالأولياء (عليهم السلام)، وعاما كالفقهاء، حسب ما يأتي تفصيله وإثباته بالأدلة اللفظية.
فلو قام هؤلاء العدول والفقهاء على المعروف المزبور اللازم