أحجى، فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، أرى تراثي نهبا حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى ابن الخطاب بعده...).
ونقل ابن أبي الحديد أيضا في نهج البلاغة في 308 تحت عنوان خطبته عند مسيره للبصرة، قال وروى الكلبي أنه لما أراد علي عليه السلام المسير إلى البصرة قام فخطب الناس، فقال بعد أن حمد الله وصلى على رسوله صلى الله عليه وآله: (إن الله لما قبض نبيه استأثرت علينا قريش بالأمر ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم والناس حديثو عهد بالإسلام، والدين يمخض مخض الوطب يفسده أدنى وهن ويعكسه أقل خلف...).
ولعلي عليه السلام في نهج البلاغة كتاب إلى أهل مصر، بعثه مع مالك الأشتر رحمه الله تعالى جاء فيه:
(أما بعد، فإن الله سبحانه بعث محمدا صلى الله عليه وآله نذيرا للعالمين ومهيمنا على المرسلين، فلما مضى صلى الله عليه وآله تنازع المسلمون الأمر من بعده، فوالله ما كان يلقى في روعي، ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده صلى الله عليه وآله عن أهل بيته، ولا أنه نحوه عني من بعده صلى الله عليه وآله فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه، فأمسكت بيدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه وآله فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما وهدما تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان، كما يزول السراب وكما ينسطع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدين وتنهنه).