(لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله تعالى على أولياء الأمر، أن لا يقاروا على كظة ظالم، أو سغب مظلوم، لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها..).
وأنت ترى يا أخي أن قول علي عليه السلام هذا صريح كل الصراحة في أنه عليه السلام إنما ترك جهاد وقتال الخلفاء الثلاثة لعدم وجود الناصر، وجاهد الناكثين أيام حرب الجمل، والقاسطين أيام معاوية والمارقين أي (الخوارج) لوجود الأنصار معه ولأنه في قتاله المتقدمين عليه ذهاب الدين بأصوله وفروعه لأن الناس جديدو عهد بالإسلام كما لا يخفى عليك وعلى من له أدنى فطنة بخلاف الطوائف الثلاث، ولقد قال علي عليه السلام في جواب من قال لم ينازع علي الخلفاء الثلاثة (رض) كما نازع طلحة والزبير ومعاوية إليك قوله عليه السلام.
إن لي بسبعة من الأنبياء أسوة:
الأول: نوح عليه السلام قال الله تعالى مخبرا عنه في سورة القمر: (رب أني مغلوب فانتصر) (1) فإن قلت لي لم يكن مغلوبا فقد كذبت القرآن وإن قلت لي كذلك فعلي عليه السلام أعذر.
الثاني: إبراهيم الخليل عليه السلام حيث حكى الله تعالى عنه قوله في سورة مريم (واعتزلكم وما تدعون من دون الله) (2) فإن قلت لي اعتزلهم من غير مكروه فقد كفرت، وإن قلت لي رأى المكروه فاعتزلهم فعلي عليه السلام أعذر.