الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون أنوف بني هاشم، كما روى ابن عرفة وهو من أكابر المحدثين، وتبين لنا أيضا أن الباحثين قد أجمعوا على أن نشأة الاختراع في الرواية ووضع الحديث على رسول الله، إنما كان في أواخر عهد عثمان وبعد الفتنة التي أودت بحياته، ثم اتسع الاختراع واستفاض حتى مبايعة علي (عليه السلام)، فما كاد المسلمون يبايعونه بيعة صحيحة حتى ذر قرن الشيطان الأموي ليغصب الحق من صاحبه وبأيلولة الأمر إلى بني أمية تشذب فن الاختراع ووضع الحديث، حتى جعلت الدولة الأموية لمن يتعاطون فن الاختراع ووضع الحديث جعلا يرغب في مثله - على حد تعبير الإمام محمد عبده (1).
هذه المرويات من المخترعات والموضوعات بقيت إلى جانب غيرها من مرويات عدول الصحابة مرجعا للجمهور على اختلاف مذاهبهم ونزعاتهم الفقهية في التشريع وغيره من الأمور (2).
المرجعيتان 1 - كل الصحابة مرجعية لأهل السنة الذين اعتبروا كل الصحابة - بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي - عدولا، أخذوا كافة مروياتهم عن الصحابة الصادقين العدول بالإضافة إلى المرويات الأخرى والتي وضعت في زمن الفتنة وأخذت صورتها النهائية في العهد الأموي، ولم يفرقوا بين صحابي وصحابي لأنهم كلهم عدول، وكلهم في الجنة ومن المحال عقلا أن يتعمد الكذب رجل من أهل الجنة. فمرجعية هؤلاء هم الصحابة وقد غلب عليهم اسم أهل السنة، فأهل السنة هؤلاء عرفوا الدين وفهموه عن طريق الصحابة بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي.