نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٨٦
فالفاروق كان يعيش في صميم الأحداث ويتابعها متابعة دقيقة، دقيقة بدقيقة. وفي داخل السقيفة كان له الدور الأعظم، فلو أراد لكان هو الخليفة. وبعد الخروج من السقيفة ومبايعة الأكثرية الحاضرة لأبي بكر الصديق، هو بنفسه الذي قاد عملية إتمام البيعة وهو الذي صاح بالمهاجرين أنه قد بايع الصديق وبايعه الأنصار وأن عليهم أن يقوموا فيبايعوا، فنهض عثمان ومن معه من بني أمية فبايعوا الصديق. وعثمان والأمويون بأغلبيتهم هم أول من بايع الصديق، وعمر بن الخطاب نفسه هو الذي نظم الذين بايعوا أبا بكر في السقيفة وجهز منهم سرية وأخرجت عليا ومن معه من بيت فاطمة الزهراء ليبايعوا الصديق (1) وهو نفسه الذي أحضر الحطب وهم بإحراق بيت فاطمة إن لم يخرج المعتصمون به (2) وهو نفسه الذي هدد عليا بالقتل إن لم يبايع (3) ، وهو نفسه الذي أشار على أبي بكر الصديق بأن يترك لأبي سفيان ما بيده من الصدقات ليضمن ولاءه (4) وأشار عليه بأن يعين يزيد بن أبي سفيان قائدا لجيش الشام (5)، وهو القوة الهائلة التي صنعت الاستقرار لدولة أبي بكر، ولم يطل بقاء الصديق في الحكم طويلا فانتقل إلى جوار ربه وورث عمر دولة آمنة مستقرة، وانتقلت إليه السلطة بيسر وسهولة وبدون معارضة، وكأن الانتقال خطوة طبيعية تتبع خطوة، وعاجلا أم آجلا سيكتشف الباحثون أن للفاروق قدرة هائلة على التخطيط والتنظير ما توفرت لأحد قط من أقرانه (6). فقد قام بدور الهيئة التأسيسية لعصر ما بعد النبوة ورتب كل شئ لمستقبل الحكم في الإسلام، فلن يجمع الهاشميون الخلافة والنبوة أبدا، وستكون الخلافة تداولا في غيرهم، وحقا خالصا لمن غلب بغض النظر عن شرعية أو عدم شرعية وسائل الغلبة.

(١) راجع على سبيل المثال الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص ٥ وما فوق.
(٢) راجع مراجع التمريق الذي ذكرناها أكثر من مرة.
(٣) الإمامة والسياسة ص ١٣.
(٤) راجع شرح النهج لعلامة المعتزلة لابن أبي الحديد ج ١ ص ٣٠٦ - ٣٠٧ تحقيق حسن تميم مكتبة الحياة.
(٥) راجع تاريخ الطبري ج ٣ ص ٢٠٩ - 210 وتاريخ الحكم للقاسمي ص 152.
(6) راجع الكامل في التاريخ لابن الأثير ج 3 ص 24 وراجع شرح النهج لعلامة المعتزلة لابن أبي الحديد مجلد 3 ص 107.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331