نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٨٩
ومع أن هذه الواقعة نسفت مستقبل الإسلام كله، وكانت هي البذرة التي انطلقت منها كل المآسي والنكبات التي حلت بالمسلمين، إلا أن أهل السنة يتجاهلونها تماما ولا يفكرون بها إلا أنها مجرد قصة.
وهكذا وعمليا رجح قول التابع على قول المتبوع، فأصبح التابع مرجعا والمتبوع متفرجا، وتم للتابع ما أراد، وغلبت مشيئته، واستقطب الناس لها، فوجدت واقعيا فكرة الغلبة وأثمرت واعتبرت الغلبة فيما بعد مبدأ شرعيا وأجيز للأمة أن تتفرج على الصراع بين متغالبين ثم تقف في النهاية مع الغالب مهما كانت صفاته ومهما كان دينه (1)، فطمع المتبوع بالتابع وتقدم المفضول على الأفضل.
ومن هنا فلا ينبغي أن ندهش إذا رأينا معاوية بن أبي سفيان يعتلي سدة الخلافة وهو الطليق ابن الطليق ومن المؤلفة قلوبهم وينازع بالخلافة أول من أسلم وولي الله بالنص، ومولى كل مؤمن ومؤمنة بالنص، ويحاول أن يقنع المسلمين بأنه أفضل من علي وأصلح للأمة منه. ولا ينبغي أن نندهش إذا وجدنا في عصور الإسلام من يقول هذا مجتهد وهذا مجتهد وكلاهما في الجنة.
ولا ينبغي أن ندهش عندما يطالب مروان بن الحكم بالخلافة وهو ابن الحكم بن العاص الذي كان محظورا عليه أن يدخل المدينة في زمن الرسول وأبي بكر وعمر حتى تولى الخلافة عثمان فأدخله معززا مكرما واتخذ ابنه مروان رئيسا لوزرائه وزوجا لابنته.
لقد تداعت الفوارق بين التابع والمتبوع، وبين المتقدم عند الله وفي الإسلام والمتأخر في موازين الله والإسلام. فالوليد بن عقبة يتأمر على الحسين بن علي والوليد يعظ وعلى الحسين أن يسمع وعظ هذا الواعظ، والوليد يصلي بالناس صلاة الصبح أربعا وهو سكران ويسأل المأمومين إن كانوا يرغبون بالزيادة، وبعد ذلك فإنه لا حرج أن يكون هذا الرجل إماما للحسين بن علي بن أبي طالب وأميرا عليه ومرجعا يمكن للحسين إذا أراد أن يسأله في أمور دينه ودنياه!!!.

(1) راجع نظام الحكم للقاسمي ص 344 - 245 وكتابنا النظام السياسي في الإسلام ص 153.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331