ومع أن هذه الواقعة نسفت مستقبل الإسلام كله، وكانت هي البذرة التي انطلقت منها كل المآسي والنكبات التي حلت بالمسلمين، إلا أن أهل السنة يتجاهلونها تماما ولا يفكرون بها إلا أنها مجرد قصة.
وهكذا وعمليا رجح قول التابع على قول المتبوع، فأصبح التابع مرجعا والمتبوع متفرجا، وتم للتابع ما أراد، وغلبت مشيئته، واستقطب الناس لها، فوجدت واقعيا فكرة الغلبة وأثمرت واعتبرت الغلبة فيما بعد مبدأ شرعيا وأجيز للأمة أن تتفرج على الصراع بين متغالبين ثم تقف في النهاية مع الغالب مهما كانت صفاته ومهما كان دينه (1)، فطمع المتبوع بالتابع وتقدم المفضول على الأفضل.
ومن هنا فلا ينبغي أن ندهش إذا رأينا معاوية بن أبي سفيان يعتلي سدة الخلافة وهو الطليق ابن الطليق ومن المؤلفة قلوبهم وينازع بالخلافة أول من أسلم وولي الله بالنص، ومولى كل مؤمن ومؤمنة بالنص، ويحاول أن يقنع المسلمين بأنه أفضل من علي وأصلح للأمة منه. ولا ينبغي أن نندهش إذا وجدنا في عصور الإسلام من يقول هذا مجتهد وهذا مجتهد وكلاهما في الجنة.
ولا ينبغي أن ندهش عندما يطالب مروان بن الحكم بالخلافة وهو ابن الحكم بن العاص الذي كان محظورا عليه أن يدخل المدينة في زمن الرسول وأبي بكر وعمر حتى تولى الخلافة عثمان فأدخله معززا مكرما واتخذ ابنه مروان رئيسا لوزرائه وزوجا لابنته.
لقد تداعت الفوارق بين التابع والمتبوع، وبين المتقدم عند الله وفي الإسلام والمتأخر في موازين الله والإسلام. فالوليد بن عقبة يتأمر على الحسين بن علي والوليد يعظ وعلى الحسين أن يسمع وعظ هذا الواعظ، والوليد يصلي بالناس صلاة الصبح أربعا وهو سكران ويسأل المأمومين إن كانوا يرغبون بالزيادة، وبعد ذلك فإنه لا حرج أن يكون هذا الرجل إماما للحسين بن علي بن أبي طالب وأميرا عليه ومرجعا يمكن للحسين إذا أراد أن يسأله في أمور دينه ودنياه!!!.