أجمله القرآن الكريم أو فصله، وبينه الرسول ودعمه، وخلو الدين من هذا الأمر الجوهري يناقض كمال الدين وتمام النعمة، خاصة وأن الرسول قد خير واختار الموت، ومرض قبل الموت، وعرف أنه ميت في مرضه ذاك. ثم إن الله قد قذف في قلبه محبة هذه الأمة، وجعله بالمؤمنين رؤوفا رحيما، وأطلعه على مستقبل هذه الأمة، فهل من الممكن عقلا أن يموت الرسول دون أن يبين للناس من هو المرجع من بعده؟ ومن هو خليفته؟ كيف تفوته هكذا أمور فيتلاشاها أبو بكر وهو ليس نبيا، وعمر وهو ليس نبيا؟ وتحس بخطورتها عائشة أم المؤمنين وهي امرأة وليست نبيا، فتحض عمر على الاستخلاف وتقول: استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملا!!
هذا أمر غير وارد قطعا، تدحضه النصوص الشرعية القاطعة وتكذبه، بالرغم من تقديرنا للواقع التاريخي الذي ساد.
فأهل السنة تشبثوا بكل شئ ليبرروا هذا الواقع الذي حدث. تشبثوا بالنص، وعندما خذلهم النص تشبثوا بالافتراض، وعندما انهار الافتراض تشبثوا بالشورى وعندما انهارت الشورى تشبثوا بالرأفة بالمسلمين والحرص على مصلحتهم ووحدتهم ومستقبلهم حتى لا يتركوا هملا وبلا راع. واستقروا بعد طول ترحال على مبدأ أن الإمام القائم أو الخليفة القائم هو الذي يسمي من يليه، أي يحدد للأمة الشخص الذي عليها أن تبايعه. (1) المرجع بعد وفاة النبي (ص) عند أهل السنة الخليفة أو الإمام أو رئيس الدولة الإسلامية، القائم مقام النبي هو المرجع الديني والدنيوي معا، كيف لا وهو خليفة رسول الله. فما كان الرسول يقوم به يقوم به الخليفة. فهو ينظر في مصالح الأمة لدينهم ودنياهم، وهو وليهم والأمين عليهم ينظر لهم ذلك في حياته ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته، ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان يتولاها ويثقون بنظره لهم في ذلك كما وثقوا به فيما قبل (2)، فهو