نظرية عدالة الصحابة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٧٣
أجمله القرآن الكريم أو فصله، وبينه الرسول ودعمه، وخلو الدين من هذا الأمر الجوهري يناقض كمال الدين وتمام النعمة، خاصة وأن الرسول قد خير واختار الموت، ومرض قبل الموت، وعرف أنه ميت في مرضه ذاك. ثم إن الله قد قذف في قلبه محبة هذه الأمة، وجعله بالمؤمنين رؤوفا رحيما، وأطلعه على مستقبل هذه الأمة، فهل من الممكن عقلا أن يموت الرسول دون أن يبين للناس من هو المرجع من بعده؟ ومن هو خليفته؟ كيف تفوته هكذا أمور فيتلاشاها أبو بكر وهو ليس نبيا، وعمر وهو ليس نبيا؟ وتحس بخطورتها عائشة أم المؤمنين وهي امرأة وليست نبيا، فتحض عمر على الاستخلاف وتقول: استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملا!!
هذا أمر غير وارد قطعا، تدحضه النصوص الشرعية القاطعة وتكذبه، بالرغم من تقديرنا للواقع التاريخي الذي ساد.
فأهل السنة تشبثوا بكل شئ ليبرروا هذا الواقع الذي حدث. تشبثوا بالنص، وعندما خذلهم النص تشبثوا بالافتراض، وعندما انهار الافتراض تشبثوا بالشورى وعندما انهارت الشورى تشبثوا بالرأفة بالمسلمين والحرص على مصلحتهم ووحدتهم ومستقبلهم حتى لا يتركوا هملا وبلا راع. واستقروا بعد طول ترحال على مبدأ أن الإمام القائم أو الخليفة القائم هو الذي يسمي من يليه، أي يحدد للأمة الشخص الذي عليها أن تبايعه. (1) المرجع بعد وفاة النبي (ص) عند أهل السنة الخليفة أو الإمام أو رئيس الدولة الإسلامية، القائم مقام النبي هو المرجع الديني والدنيوي معا، كيف لا وهو خليفة رسول الله. فما كان الرسول يقوم به يقوم به الخليفة. فهو ينظر في مصالح الأمة لدينهم ودنياهم، وهو وليهم والأمين عليهم ينظر لهم ذلك في حياته ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته، ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان يتولاها ويثقون بنظره لهم في ذلك كما وثقوا به فيما قبل (2)، فهو

(1) راجع كتابنا النظام السياسي في الإسلام فقد استعرضنا فيه كافة النظريات التي تشبث بها أهل السنة ونقدناها نقدا علميا ص 8 وما فوق.
(2) راجع مقدمة ابن خلدون دار الفكر ص 210.
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول: مفهوم الصحبة والصحابة المقدمة 3
2 الفصل الأول: مفهوم الصحبة والصحابة 10
3 الفصل الثاني: نظرية عدالة الصحابة عند أهل السنة 19
4 الفصل الثالث: نقض النظرية من حيث الشكل 33
5 الفصل الرابع: نظرية عدالة الصحابة عند الشيعة 59
6 الفصل الخامس: بذور للتفكر في نظرية عدالة الصحابة 63
7 الفصل السادس: طريق الصواب في معرفة العدول من الأصحاب 69
8 الباب الثاني: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة الفصل الأول: الجذور التاريخية لنظرية عدالة كل الصحابة 83
9 الفصل الثاني: الجذور السياسية لنظرية عدالة كل الصحابة 97
10 الفصل الثالث: ما هي الغاية من ابتداع نظرية كل الصحابة عدول 107
11 الفصل الرابع: الجذور الفقهية لنظرية عدالة الصحابة 115
12 الفصل الخامس: الآمال التي علقت على نظرية عدالة الصحابة 139
13 الباب الثالث: المرجعية الفصل الأول: المرجعية 151
14 الفصل الثاني: العقيدة 157
15 الفصل الثالث: من هو المختص بتعيين المرجعية 163
16 الفصل الرابع: مواقف المسلمين من المرجعية بعد وفاة النبي (ص) 169
17 الفصل الخامس: المرجعية البديلة 181
18 الفصل السادس: من هو المرجع بعد وفاة النبي (ص) 195
19 الباب الرابع: قيادة السياسية الفصل الأول: القيادة السياسية 213
20 الفصل الثاني: القيادة السياسية 221
21 الفصل الثالث: الولي هو السيد والإمام والقائد 231
22 الفصل الرابع: تزويج الله لوليه وخليفته نبيه 239
23 الفصل الخامس: تتويج الولي خليفة للنبي 247
24 الفصل السادس: بتنصيب الإمام كمل الدين وتمت النعمة 257
25 الفصل السابع: المناخ التاريخي الذي ساعد على نجاح الانقلاب وتقويض الشرعية 271
26 الفصل الثامن: مقدمات الانقلاب 287
27 الفصل التاسع: مقاصد الفاروق وأهدافه 301
28 الفصل العاشر: تحليل موضوعي ونفي الصدفة 311
29 الفصل الحادي عشر: تجريد الهاشميين من كافة الحقوق السياسية 331