العهد، وذلك بأن يقوم الخليفة أو الإمام أو رئيس الدولة القائم كائنا من كان بتعيين من يتولى أمور المسلمين من بعده، لأن الإمام أو الخليفة أو رئيس الدولة الإسلامية القائم كائنا من كان هو ولي الأمة والأمين عليها، ينظر للأمة في حال حياته، ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته، ويقيم لهم من يتولى أمورهم كما كان هو يتولاها، ويثقون بنظره لهم في ذلك كما وثقوا به في ما قبل، وقد عرف ذلك من الشرع بإجماع الأمة على جوازه وانعقاده. إذ وقع بعهد أبي بكر رضي الله عنه لعمر.
وكذلك عهد عمر في الشورى إلى الستة... (1) وقد شرعت ولاية العهد بسبب فعل أبي بكر وعمر وعدم معارضة الصحابة لهم مما جعلها وليدة الاجماع، والإجماع سند شرعي كما يرى ابن خلدون، وذلك حرصا على وحدة المسلمين ومصلحتهم وهروبا من الفتنة، وحتى لا تبقى أمة محمد هملا بغير راع على حد تعبير السيدة عائشة أم المؤمنين (2)، وتجنبا للوم على حد تعبير عبد الله بن عمر بن الخطاب (3).
ويبدو أن الإمام الوحيد برأي أهل السنة الذي لم يسم خليفته، ولم يتخذ وليا للعهد هو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). فهو بالمفهوم عند ابن خلدون:
ينظر للناس عند حياته، ويتبع ذلك أن لا ينظر لهم بعد وفاته، بعكس بقية الخلفاء، أو رؤساء الدول الإسلامية حيث ينظر الواحد منهم عند حياته ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد وفاته. (4) والخلاصة أن الصحابة الكرام اكتشفوا بعد طول معاناة أن ترك الأمة دون بيان المرجع والإمام وولي العهد دمار محقق، وأن الوصية والتسمية أفضل لمصلحة المسلمين فشرعوها، أو هكذا صور.
والأهم من ذلك أن الشريعة الإسلامية شريعة سماوية، وقد بينت كل شئ