محمد صلى الله عليه وآله وسلم وليثبتوا جديتهم بالفعل جمعوا الحطب وهموا بإشعال النار ببيت فاطمة بنت محمد، وكادوا يحرقونه على من فيه لولا لطف الله تعالى، وفوجئ الناس بهذه القسوة البالغة التي لم يعهدوها في عهد الرسول ولا حتى في الجاهلية، فأقبلوا على البيعة حفظا " لحياتهم ومصالحهم.
وهكذا نجح قادة تحالف البطون نجاحا " ساحقا " بالاستيلاء على منصب الخلافة من بعد الرسول بالحشد والقوة والتغلب والقهر، ومواجهة كل من يقف في دربهم حتى ولو كان الرسول نفسه، واتحدت أغلبية الأمة وراءهم رغبة أو رهبة، ولم يتخلف عن بيعتهم إلا علي بن أبي طالب وأهل بيت النبوة وبنو هاشم كما يروي البخاري، أو بعض الشخصيات البارزة كسعد بن عبادة، وقد هم قادة التحالف بقتله عند امتناعه عن البيعة مباشرة، ولكنه خشوا عواقب ذلك، وفي ما بعد أصدر عمر بن الخطاب أمرا " بقتله وقتل فعلا ". وقد صورت وسائل إعلام البطون المتخلفين عن البيعة بصورة الشاقين لعصا الطاعة، والمفارقين للجماعة!
ولولا لطف الله لقتلوا عليا " بن أبي طالب، ولأحرق أهل بيت النبوة وهم أحياء!
ولكن عقلاء البطون رأوا أن من الأنسب عزل أهل بيت النبوة اجتماعيا "، وتجريدهم من كافة حقوقهم السياسية، وتركيعهم اقتصاديا "! فهذا أجدى وأنفع من القتل في تلك المرحلة! وفي هذا السياق تم تجريد أهل بيت النبوة من جميع ممتلكاتهم، وتم حرمانهم من ميراث النبي، ومن كافة المنح التي أعطاها لهم الرسول حال حياته، وتم حرمانهم من الخمس المخصص له في آية محكمة، ولأسباب إنسانية وعد الخليفة الأول بتقديم المأكل والمشرب لهم (1).
مؤامرة بطون قريش وانقلابها إن تجاهل بطون قريش للترتيبات الإلهية والنصوص الشرعية المتعلقة بمنصب الإمامة، أو القيادة أو الخلافة من بعد النبي، واستيلائها على هذا المنصب من طريق الحشد والقوة والتغلب والقهر، هو في حقيقة انقلاب حقيقي تمخض